تقوم دولة الإمارات دائماً بمبادرات تتسق مع نهجها ورصيدها في ضخ المساعدات الإنسانية ومد يد العون للمحتاجين في كل مكان. وقد أخذت على عاتقها قبل أيام القيام بالاستجابة الإنسانية في الوقت المناسب، وأدت واجباً وجدت أنها مؤهلة للقيام به على أكمل وجه وبصورة مثالية من ناحية سلامة وجودة كافة الإجراءات، في موقف أشادت به وسائل الإعلام المختلفة، وحُظي بأصداء إيجابية عربية وعالمية واسعة، من خلال إجلاء رعايا عدد من الدول الشقيقة والصديقة من الصين، بناءً على طلب حكوماتهم، ويبلغ عددهم أكثر من 215 شخصاً كانوا عالقين في مقاطعة هوبي الصينية، بؤرة تفشي وباء كورونا المستجد. ولنا أن نتخيل مدى سعادة من تم إجلاؤهم بعد مغادرتهم بؤرة الوباء. وخاصة أن بينهم طلاباً ذهبوا لتلقي العلم في الصين، ثم وجدوا أنفسهم عالقين يترقبون الإجلاء في وقت مشحون بالإشاعات والمبالغات التي ترافق انتشار الوباء. ولا ننسى مدى قلق عائلاتهم وأصدقائهم وهم يترقبون عودتهم سالمين. بينما على الصعيد العالمي تفيد المؤشرات والأرقام بما يبعث على الطمأنينة، بدليل تناقص حالات الإصابة بالفيروس وارتفاع أعداد الذين يتماثلون للشفاء منه في الصين وغيرها.
وبتوجيهات من صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، صدر أمر صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وتمت عملية إجلاء رعايا الدول بنجاح. وبذلك تضيف الإمارات إلى رصيدها من العمل الإنساني في الظروف الصعبة، خطوة تعزز دورها العالمي وشراكاتها من أجل التكافل والتضامن ونشر قيم الخير والتسامح وإسعاد البشر.
وعندما نتحدث عن فريق الاستجابة الإنساني الإماراتي، لا ننسى الطواقم الطبية والملاحية والإدارية، وكل مَن يؤدون أعمالهم بتفان وتضحية وإنكار للذات، تنفيذاً لتوجيهات القيادة الحكيمة لرفع اسم الإمارات وعلمها عالياً، والإسهام في مواجهة التحديات التي يشترك فيها عالمنا اليوم.
وفي مثل هذه المواقف ذات الأبعاد الإنسانية، تظهر معادن الرجال وعظمة القيادة. لذلك ثمّن الشيخ محمد بن زايد جهود المتطوعين الإماراتيين في فريق الاستجابة الإنسانية، وشكر الحكومة الصينية على تعاونها، وأكد سموه على الإيمان الراسخ بوحدة المصير الإنساني.
ومن هذا المدخل تؤكد دولة الإمارات باستمرار على تبنِّي قيم التعاون والتسامح والتعايش، وكانت أصداء مبادرتها الإنسانية وما تزال حديث الإعلام، وخاصة أن رعايا الدول الذين تم إجلاؤهم نُقلوا إلى الإمارات ليمكثوا في المدينة الإنسانية بأبوظبي، ذات التجهيزات الملائمة والاستعدادات التي تم تنفيذها لهذا الغرض.
وبحسب البرنامج المجدول المخصص للضيوف الذين تم استقبالهم في المدينة الإنسانية، من المقرر أن يتم إجراء الفحوص الطبية اللازمة لهم، من أجل التأكد من سلامتهم ووضعهم تحت الحجر الصحي لمدة لا تقل عن 14 يوماً، باعتبارهم كانوا في منطقة بؤرة تفشي وباء كورونا المستجد في الصين. وهذا إجراء وقائي تتخذه كافة الدول حرصاً على سلامة الأشخاص أنفسهم، ويتم في بيئة المدينة الإنسانية المجهزة طبياً على أعلى المستويات. وبمثل ما أحيطت به إجراءات نقلهم من العناية والاهتمام، سوف يجدون فترة الفحوص والحجر مصحوبة بالرعاية المتكاملة وفقاً لأعلى المعايير التي وضعتها منظمة الصحة العالمية.
وأخيراً، فإن قيمة هذه الخطوة التي قامت بها دولة الإمارات، تكمن في أنها تبث رسالة عالمية عن أهمية التضامن الإنساني في مواجهة التحديات الصحية في عالم اليوم، وهي تحديات لا تميز بين الشعوب والدول على اختلاف الحدود والأعراق والأديان.

*كاتب إماراتي