حالة من القلق المتزايد تزداد حدة في الولايات المتحدة مع تفشي فيروس كورونا، الذي يُحدث دماراً اقتصادياً في جميع أنحاء العالم، مع مخاوف من احتمال أن يصبح المرض وباءً. ونظراً لأن اندلاع الفيروس بدا في ووهان، الصين، فإن بعض المعلومات التي تبرز في وسائل التواصل الاجتماعي تغذي المشاعر العنصرية تجاه الشعوب الآسيوية. وقد لاحظ أصحاب المطاعم في الأحياء الصينية (تشاينا تاون) في جميع أنحاء العالم انخفاضاً ملحوظاً في العمل منذ تزايد انتشار تقارير عن فيروس كورونا. وتم تخصيص موقع على الإنترنت يقدم الأصول العنصرية للمرض.
وأدت الفكرة الشائعة المتمثلة في دخول الأمراض إلى الولايات المتحدة من أماكن أخرى، غالباً عن طريق الهجرة، إلى دعم الحد بشكل كبير من الهجرة في مطلع القرن العشرين. ولم يؤد هذا النهج فقط إلى تعزيز التوجهات العنصرية – بل قوّض أيضاً الاستجابة الطبية للأمراض، وأخّر العلاج لمن هم بحاجة إليه ووسّع انتشار الأوبئة. وعلى الرغم من التقدم المحرز في مجال الصحة العامة على مدار العقدين الماضيين، ما زال الأميركيون يتذرعون بالقلق من المرض لتبرير ممارسات كراهية الأجانب، مما يؤجج في نهاية المطاف العنصرية في كل عمليات البحث عن حلول طبية.
في عام 1832، تفشت الكوليرا في مدينة نيويورك. في هذه المرحلة، لم يكن الناس يعلمون بعد كيفية انتقال المرض أو من أي أتى. ومع ذلك، سرعان ما بدأت تظهر قصص عن «الكوليرا الآسيوية»، وتربط المرض بشكل واضح بمجموعة من الأشخاص الذين كانوا يواجهون بالفعل تمييزا في الولايات المتحدة. وكان أول الأشخاص الذين أصيبوا بالكوليرا في نيويورك هم أولئك الذين يعملون في الموانئ – والكثيرون منهم جزء من الطبقة العاملة المهاجرة.
ونتيجة لذلك، توسع وتوطد الخوف غير المنطقي من المهاجرين الآسيويين والذي بدأ في أوائل القرن التاسع عشر. وبحلول عام 1833، تسربت هذه الأفكار إلى وسائل الإعلام الرئيسية. ونشرت مجلة «باك» للفكاهة صورة لرجل نحيف جداً كان من المفترض أن يكون تجسيداً للكوليرا في زي تركي وطربوش على متن مركب يقترب من نيويورك. وكان التعليق المصاحب للصورة «هذا النوع من المهاجرين لا يمكننا قبوله».
توضح الصورة أن غير البيض، وغالبا ما يكونون آسيويين، يتم تصويرهم على أنهم نذر للمرض. ومع ذلك، اتضح في النهاية أن الكوليرا تنتشر عبر المجاري المائية الملوثة بالعدوى، وأنه يمكن تطهير المياه ويمكن معالجة الناس من الكوليرا. لم يكن الأمر يتعلق بالناس أو بأعراقهم، ولكن بالتخلص من النفايات. ومع ذلك، فإن الخوف من المرض، من بين عوامل أخرى، جعل الكونجرس يقر ويمد الحظر الفيدرالي للهجرة الصينية، والذي استمر حتى الحرب العالمية الثانية.
وانطبقت نفس ديناميكية الأفكار العنصرية التي تثير المعلومات الطبية الخاطئة على مرض السل، الذي كان يطلق عليه «المرض اليهودي»، بسبب انتشاره في مناطق مثل الجانب الشرقي الأدنى في مطلع القرن العشرين. وكان مرض السل مستوطناً في المنطقة بسبب ظروف السكن وليس السكان، حيث كانت المباني السكنية المزدحمة الكثيفة سائدة في المنطقة. هذا يعني أن العديد من المساحات المشتركة شملت مهيجات للجهاز التنفسي مثل مواقد الفحم، التي من شأنها أن تسبب السعال لدى الناس، مما أدى في النهاية إلى تفاقم انتشار المرض. وفي ذلك الوقت، ألقى المصلحون من الطبقة العليا باللوم على الظروف المعيشية المكتظة والناس التي تعيشها في انتشار المرض، مما ساعد على تعزيز مخاوف الطبقة الوسطى من انتشار مرض السل ومن مجتمعات المهاجرين في وسط المدينة في نفس الوقت.
إن المرض مخيف، والقلق من الإصابة بالمرض أمر طبيعي. لكن علينا أن نفهم أن كراهية الأجانب لا يمكن أن تحمي أي شخص من المرض. وفي الواقع، في حالات عديدة، تاريخياً، كان هذا يزيد الأمر صعوبة على المجتمعات أن تدرس وتعالج الأمراض. حالياً، تشير مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها إلى أن خطر الإصابة بفيروس كورونا في الولايات المتحدة منخفض. ومع ذلك يبدو الخوف وكراهية الأجانب في ازدياد.
*كاتبة أميركية
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»