مع ورود أنباء عن تزايد انتشار حالات الإصابة بفيروس كورونا عبر العالم، أصبحت العواقب الاقتصادية والسياسية أكثر خطورة وتزايد احتمال أن تقوض استقرار حكومات عديدة. وسأركز هنا على تأثير انتشار حالات الفيروس في الشرق الأوسط والولايات المتحدة. ففي الشرق الأوسط، وفي غمرة تصاعد النشاط العسكري في شمال سوريا، يفاقم انتشار المرض التحديات التي تواجهها تركيا وروسيا وإيران وحكومة الرئيس السوري بشار الأسد وأوروبا. وفي الولايات المتحدة، يمثل احتمال حدوث ركود اقتصادي خطراً على الرئيس دونالد ترامب في وقت يسعى فيه للفوز بفترة رئاسية ثانية.
وفي حالة سوريا، يتمثل الخطر في أن القتال بين الأتراك والقوات السورية في محافظة أدلب قد يتصاعد ليورط روسيا وإيران ويؤدي إلى ضغوط متزايدة على تركيا تدفعها للامتناع عن استقبال اللاجئين على أراضيها. وبالمقابل، ستلجأ تركيا لتهديد أوروبا بتشجيع من لديها من لاجئين على عبور حدودها مع اليونان وبلغاريا، ومن ثم إلى باقي أوروبا، مما سيؤدي إلى مزيد من العنف وتفاقم التوترات بين تركيا والاتحاد الأوروبي. وفي معمعة هذه الفوضى، قد يكون انتشار كورونا مدمراً، وتشهد إيران واحدة من أسوأ حالات التفشي للمرض في العالم خارج الصين. ومع الحضور الإيراني القوي في سوريا ولبنان، تتزايد احتمالات العدوى في مناطق بها مرافق ضعيفة أو لا توجد بها مرافق أصلا للتعامل مع حالات مرضية جديدة. ولإيران تواجد آخر في اليمن الذي قد يكون أكثر دول الشرق الأوسط هشاشة أمام الوباء.
وسيخلق التضافر بين استمرار الصراع وانتشار الفيروس كارثة إنسانية لم نشهد لها مثيلا في السنوات القليلة الماضية. والسؤال المحوري يتعلق بمدى قدرة الحكومة الإيرانية على التحرك الناجح لاحتواء الفيروس؟ وإذا لم تفلح إيران في التصدي للمرض، فالوضع القائم نفسه قد يتعرض لتهديد من الداخل.
والمثير للسخرية أن إدارة ترامب أيضاً تواجه أخطر أزمة بسبب كورونا. والطريقة التي ستتعامل بها الإدارة عملياً وبشكل آني مع عناصر الأزمة ستمثل اختباراً لقيادة ترامب ومدى قدرته أو استعداده للتخلي عن مجرد الكلام السياسي والانتقال إلى العمل مع زعماء المعارضة لوضع خطة متماسكة وفاعلة لتخفيف حدة آثار انتشار المرض. وبعد بداية متعثرة قليلا، أدرك البيت الأبيض أن معدلات التأييد لترامب ستتعلق بإدارته لهذه الأزمة. فهي أزمة تذكّر البيت الأبيض بالانتقادات الشديدة التي وُجهت للرئيس بوش الابن في عام 2005 بسبب ضعف استجابته لمعالجة آثار إعصار كاترينا الذي اجتاح مدينة نيواورليانز وحصد أرواح آلاف الأميركيين. وأكثر ما يثير قلق الإدارة الأميركية حالياً هو العواقب الاقتصادية الناتجة عن انتشار الفيروس وتأثير هذا على معدلات النمو الأميركية والوظائف وثقة المستهلك. فقد تكبدت صناعة الطيران الأميركية خسائر كبيرة بالفعل بسبب إلغاء آلاف الرحلات الدولية.
والتكلفة قصيرة الأمد على الاقتصاد العالمي ستتفاقم مع محاصرة المخاطر لعدد متزايد من الفعاليات الكبيرة، ربما تكون من بينها دورة الألعاب الأولمبية الصيفية المقبلة في اليابان. وقد عانت الصين نفسها من تقلص كبير في إنتاج سلع حيوية وأساسية للصناعة الأميركية، لذا فمن المرجح أن تكون الآثار على التصنيع الأميركي خطيرة أيضاً. وإذا انزلقت الولايات المتحدة إلى ركود اقتصادي في وقت لاحق هذا العام، فستضعف حجة ترامب بأنه أشرف على نمو اقتصادي غير مسبوق مما قد يهدد فرصه في الفوز بالانتخابات الرئاسية.