تعتبر جمهورية الصين الشعبية، مهد إحدى أقدم الحضارات البشرية، الدولة الأكثر سكاناً في العالم أجمعه على الإطلاق (حوالي مليار وأربعمائة مليون نسمة)، والمقدرة مساحتها بنحو تسعة ملايين ونصف المليون كيلومتر مربع.. دولة نووية معترف بها، وهي صاحبة ثاني أكبر ميزانية عسكرية في العالم، وصاحبة أكبر جيش على مستوى الكرة الأرضية من حيث العدد والعدة.
ومنذ تسعينيات القرن الماضي أصبحت الصين من أعلى الدول في العالم من حيث معدل النمو الاقتصادي، وذلك بفضل الإصلاحات والتطويرات الاقتصادية التي تبنّتها خلال عقد الثمانينيات قبل ذلك.
ومنذ بزوغ نجمها على المستوى العالمي، أصبحت الصين محط أنظار العالم، وقد واجهت بعض التحديات والصراعات الدولية، خصوصاً مع الولايات المتحدة الأميركية التي تنظر إليها كقوة منافسة كبرى، خصوصاً بعد تقاربها مع العالم العربي، وتحديداً مع دول الخليج العربية.
وقد تعرّضت هذه الدولة العظمى لتحد غير مسبوق تمثل في فيروس كورونا، هذا الفيروس الوبائي الذي أزعج التنين الصيني، وتجاوز عدد الوفيات جراءه حاجز الـ2500 شخص. لذلك راجت خلال الأيام الماضية الأخيرة نظرية المؤامرة لتفسير ظهور هذا الوباء القاتل والخطير، والذي لم تتوصل الصين حتى الآن إلى علاج لمكافحته، رغم إمكاناتها العلمية والتقنية الضخمة وصناعاتها المتطورة الدقيقة والمذهلة التي غزت بها العالم كله.
لذلك فالصين على مفترق طرق الآن، وأمام تحد خطير وصعب، ولا خيار أمامها إلا أن تتجاوز هذه المحنة التي حلّت بها وتعود كما كانت وأقوى وأكثر جاذبية للعالم.. وذلك لكي تثبت للعالم بأنها قادرة ومتمكنة من القضاء على هذا الفيروس القاتل، الذي غزاها وبدأ يهدد قوة الشعب الصيني الجبار الذي لا أحد يستطيع أن يقارعه أو يجاريه من حيث كثرة العدد والعدة وحجم الابتكارات التقنية والصناعية.
فهل تنجح الصين وتتخطى هذا الامتحان الصعب في مرحلة حرجة كهذه، وتجعل من الأزمة الصحية الحالية بالون اختبار، لتتربع على عرش الدول الفاعلة والمؤثرة في عالم يصارع الفيروسات المعدية التي أصبحت تحاصر البشر من كل اتجاه، بعد أن أكلت منهم الحروب الطاحنة ملايين الضحايا، بفعل السياسات الأنانية التي لا تخضع لضوابط ولا قوانين ولا أعراف، ولا تثنيها قيم ولا يردعها وازع ديني أو أخلاقي في أي مكان من العالم؟!

*كاتب سعودي