تتجه مسارات التنمية في دولة الإمارات بانسجام وتناغم نحو صناعة مستقبل واعد بالخير والنماء، ولم يتم إعلان العام الحالي عاماً للاستعداد للخمسين سنة المقبلة من فراغ، بل إن العمل من أجل الوصول إلى مئوية الاتحاد يمر عبر مشروعات وجهود متراكمة، وجميعها تصب في خانة تحقيق الاستدامة والازدهار للوطن وأبنائه.
ولعله من أبرز مسارات الاستعداد للمستقبل ما ينفذه برنامج أبوظبي للمسرعات التنموية «غداً 21»، منذ اعتماده في عام 2018، بتوجيه من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، وعبر ميزانية تم رصدها للسنوات 2019 -2021 بلغت 50 مليار درهم. وعندما نتحدث عن برامج وآفاق المسرعات الحكومية في الإمارات بشكل عام، فنحن نتحدث عن نهج أصيل تمت مأسسته وجعله يكتسب أبعاده الاحترافية، وخبرة الإمارات في هذا المجال الاستشرافي المستقبلي تبلورت بدأب وتجارب عملية خلال العقود والسنوات الماضية، ونظراً لأهميتها وجدوى نقلها إلى الآخرين، تنعقد دورات تأهلية بين فترة وأخرى لتفعيل مسرعات حكومية في أقطار عربية شقيقة، في إطار الشراكات واتفاقيات التعاون الثنائي.
وتبشيراً بالنجاحات التي تحققت في هذا المجال، قال صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، عبر «تويتر»: «اطلعت على نتائج العام الأول من برنامج (غداً21) الذي يعكس التزام أبوظبي تجاه المجتمع والاقتصاد والمعرفة.. بداية طيبة وإلى مزيد من الإنجازات.. وبمتابعة هزاع بن زايد، سيواصل خالد بن محمد، وأعضاء اللجنة التنفيذية جهودهم عبر مبادرات مبتكرة ونوعية لتعزيز مكانة أبوظبي الاقتصادية والمجتمعية».
وفي هذا المضمار لا تتوقف دروس التلاحم والتفاني والبذل والعطاء، من خلال إطلاق مثل هذه المشروعات الحيوية ورفدها بالطاقات الشابة والإمكانيات التي تجعل الانطلاقات قوية وذات فاعلية تبث الحماس لتحقيق أرقام قياسية جديدة. كما جاءت إشارة سمو الشيخ هزاع بن زايد آل نهيان، نائب رئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، تأكيداً على عظمة ما تحقق، من خلال كلمات تثني على البرنامج عبر «تويتر» بقول سموه: «تحقيقاً لرؤية الشيخ محمد بن زايد، وبجهود حثيثة من الشيخ خالد بن محمد بن زايد، شهد العام الأول من برنامج أبوظبي للمسرعات التنموية (غداً 21)، إنجازات تدعو للفخر والاعتزاز، خاصة عبر إشراك شباب الإمارات في مشاريع تتواصل مع العصر وتحقق الاستدامة المطلوبة للمستقبل».
كما تزامن الإعلان عن إنجازات «غداً 21»، مع الإنجاز الكبير والأحدث للإمارات، ومن خلاله تدشن الدولة عام 2020 بمكسب استثنائي يتمثل في تشغيل أول مفاعلات الطاقة النووية السلمية في محطة براكة للطاقة، لتصبح الإمارات بهذا الإنجاز أول دولة عربية تضيف إلى رصيدها الدخول إلى نادي الدول التي تمتلك مفاعلات نووية سلمية.
وبالعودة إلى الأرقام التي حققها برنامج «غداً 21»، التابع لحكومة أبوظبي، لا شك أن التوقعات المستقبلية مبشرة بالمزيد من النتائج المثمرة، وخاصة أن مسارات العمل والمشروعات والمبادرات التي تم إطلاقها، تحقق بنجاح وتميز التوجه العام للبرنامج، والذي يحظى برعاية القيادة وخبرة وحيوية سمو الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، عضو المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي رئيس مكتب أبوظبي التنفيذي.
وإذا كان لكل عمل مفتاح أو شيفرة نجاح، فإن جوهر برنامج «غداً 21» يتمحور حول ثلاث كلمات ذات دلالات تحيط بتحديات المستقبل، وهي: اقتصاد، معرفة، مجتمعات. وضمن كل محور من المحاور الثلاثة تندرج مشروعات ومبادرات البرنامج الطموح.
هناك أهمية بالغة لما تتضمنه مؤشرات المسرعات الحكومية في أبوظبي من رسائل تبث الثقة في كافة القطاعات وفي مقدمتها قطاع الاستثمار. ومن الناحية الاستراتيجية فإن ما يتطلبه النمو الاقتصادي في أي بلد هو الثقة بالمستقبل، والأرقام تشير إلى ارتفاع مؤشر ثقة الأعمال بـ3.4 نقطة خلال العام المنصرم. وتشمل العناية بالاقتصاد التركيز على الشركات الناشئة المبتكرة ودعم فعاليات الفرص والمبتكرين في مجال التكنولوجيا الزراعية، إلى جانب التسهيلات القانونية واللوجستية لأصحاب الأعمال. فيما يشتمل محور المعرفة في مسرعات أبوظبي على برامج تستثمر في الابتكار ودعم الشباب ومشاريع البحث والتطوير والابتكار الجماعي. واستكمالاً لشيفرة النجاح، يأتي اهتمام «غداً 21» بالمجتمعات من خلال حزمة برامج ومشروعات وفرص لتعزيز جودة الحياة وتنافسيتها في إمارة أبوظبي. وهكذا يصنع أبناء الإمارات مستقبلهم بأيديهم.

*كاتب إماراتي