بدأ ثاني أكبر انتشار لفيروس إيبولا في التاريخ، والذي غيّر شكل الحياة في مقاطعتي كيفو الشمالية وإيتوري بشرق الكونغو الديمقراطي منذ أغسطس 2018، وأصاب نحو 3500 شخص وقتل 2250 آخرين.. في الانحسار أخيراً.
وعلى الرغم من العنف المستمر الذي أعاق الاستجابة لتفشي المرض منذ بدايته، والذي ارتفعت وتيرته في الآونة الأخيرة، فقد تضاءل عدد الحالات الجديدة. وعندما كان الفيروس الوبائي في أوجه في شهر مايو الماضي، كان المئات يصابون به كل أسبوع.
ويأتي انحسار الإيبولا فيما يجتذب فيروس آخر الاهتمام العالمي، وربما أيضاً التمويل وحملات الوقاية والمكافحة. وقد حذّر مسؤولو الصحة العالميون من أنه بينما يسجل فيروس كورونا الجديد آلاف الحالات الجديدة كل يوم، فإن العمل الشاق للقضاء على تفشي إيبولا والوقاية منه لم ينته بعد. وقد قالت «مارجريت هاريس»، المتحدثة باسم منظمة الصحة العالمية: «لم يتم تلبية احتياجات التمويل (الخاصة بإيبولا) بعد بالكامل، وحالياً هناك خطر ألا يكون هناك تمويل لأنشطة منظمة الصحة بعد شهر فبراير الجاري».
وفي يوم الأربعاء الماضي، وافقت لجنة مستقلة، تقدم المشورة لمنظمة الصحة العالمية، على أن تفشي إيبولا «ما زال يمثل حالة طوارئ للصحة العامة، تثير قلقاً دولياً»، وهو وصف امتد الآن ليشمل انتشار فيروس كورونا.
ويذكر أن إيبولا وكورونا فيروسان مختلفان بشكل كبير، فلا يمكن أن ينتقل إيبولا إلا من خلال تبادل السوائل الجسدية، لكنه قتل نحو 70% من المصابين به في شرق الكونغو الديمقراطي.
وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية «تيدروس أدهانوم جيبريسيوس»، يوم الخميس الماضي، إن كورونا «قد تكون له عواقب سلبية على جهود الاستجابة للإيبولا من خلال تقليل التركيز عليه».
وبينما شنّت منظمة الصحة والمراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها وكوكبة من المنظمات غير الربحية ووزارة الصحة الكونغولية، حملة لا هوادة فيها لاحتواء إيبولا، لم يتم عمل الكثير لدعم النظام الصحي في المنطقة، وهو نظام يفتقر بشدة إلى البنية التحتية الأساسية. إن إيبولا مستوطن في غابات الكونغو الديمقراطي المطيرة، واحتمال انتقاله وتفشيه في المستقبل احتمال كبير للغاية.
وكانت جميع الحالات التي تم الإبلاغ عنها، هذا الشهر تقريباً، في مدينة «بيني» المضطربة، التي تحاصرها أيضاً ميليشيات مسلحة تطلق على نفسها اسم «قوات التحالف الديمقراطي».
وفي أواخر شهر أكتوبر الماضي، شن الجيش الكونجولي هجوماً على «قوات التحالف الديمقراطي»، مما أدى إلى تعقيد الاستجابة لإيبولا وأثار موجةً من الهجمات الانتقامية التي أودت بحياة المئات من المدنيين.
وقالت هاريس إنه على الرغم من تأكيد المسؤولين الكونغوليين على أنه لم يتبق سوى سلسلة واحدة لانتقال فيروس إيبولا، فإن العنف المستمر جعل من المستحيل الوصول إلى بعض المناطق التي ربما شهدت حالات إصابة خلال الأشهر الماضية.
ومع اقتراب نهاية تفشي المرض، تم تغيير بعض بروتوكولات الاستجابة. والآن، يمكن إعطاء المرضى درجة أكبر من الراحة، بدلاً من حصرها على مراكز علاج إيبولا التي تضم الذين يحتضرون.
وقالت هاريس: «يتاح الآن لكل شخص كان على اتصال بمريض مصاب بفيروس إيبولا، خيار العزلة الطوعية، حتى تتسنى مراقبته عن قرب، وإذا ظهرت عليه أعراض المرض يمكن العناية به في أسرع وقت ممكن. ومعظم الناس تقبل هذا العرض».
وبالإضافة إلى نقص الاستثمارات في البنية التحتية الصحية لشرق الكونغو، هناك فجوة كبيرة في التمويل المخصص لتفشي الحصبة في نفس المنطقة والتي أودت بحياة 6300 شخص في وقت أقل بكثير من إيبولا.
ومن غير المرجح أن يعود السلام قريباً إلى المنطقة المعروفة باسم «البحيرات العظمى»، حيث المنافسة على المعادن تزداد حدة بين حكومات الكونغو وأوغندا ورواندا وبوروندي والميليشيات المحلية المتحالفة معها.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»