حذّر زعماء يوم السبت الماضي من تفاقم التمييز وتعطل في الأنشطة الاقتصادية بسبب إضافة الرئيس الأميركي دونالد ترامب أربع دول أفريقية لقائمة إدارته لحظر السفر. وبموجب الحظر الذي يُطبق بدءاً من 22 فبراير الجاري، يُمنع معظم مواطني كل من نيجيريا (أكثر دول أفريقيا سكاناً وأكبرها اقتصاداً) وإريتريا من دخول الولايات المتحدة والعيش والعمل فيها. ويحظر الإجراء ذاته على كل من تنزانيا والسودان المنافسة في يانصيب تأشيرة الولايات المتحدة. ووصف البيت الأبيض، في بيان صدر يوم الجمعة، القيود الجديدة باعتبارها «قمة البديهيات»، مضيفاً أن الدول الأجنبية يتعين أن «تفي بشروط الأمن الأساسية» قبل أن يستطيع مواطنوها الانتقال إلى الولايات المتحدة.
ويُفرض حظر أيضاً بموجب التشريع الجديد على معظم مواطني ميانمار وقيرغيرستان. وجاء في تغريدة نشرها مكتب الرئيس النيجيري محمد بخاري أن الرئيس شكّل لجنة من أجل «دراسة ومعالجة» التعديلات بعد إعلان الرئيس ترامب. وذكر بيان لمكتب الرئيس بخاري أن «نيجيريا مازالت ملتزمةً بالحفاظ على العلاقات المثمرة مع الولايات المتحدة والحلفاء الدوليين الآخرين وخاصة في شؤون الأمن العالمي».
وحتى مساء السبت الماضي، لم يصدر السودان وتنزانيا وإريتريا رداً رسمياً. ولم يوضح مسؤولون أميركيون السبب الذي أضيفت من أجله هذه الدول إلى القائمة، مكتفين بالإشارة إلى مخاوف بشأن نقاط يمكن اختراقها من عناصر «بشعة». وأضافوا أن الدول إما تقاعست عن تلبية معايير الإدارة في مقاسمة المعلومات الاستخباراتية أو تفتقر إلى أنظمة حديثة لجوازات السفر.
وأكد المسؤولون أن اسم السودان موجود ضمن قائمة الدول الراعية للإرهاب رغم الإشادة الواسعة بالبلاد لانتقالها العام الماضي من الحكم العسكري إلى حكومة يتزعمها مدنيون. وكان من المتوقع أن يكون التأثير واضحاً بشكل خاص في نيجيريا التي يقيم 300 ألف من أبنائها مهاجرين في الولايات المتحدة. ويمثل النيجيريون أيضاً أكبر طائفة ممن مكثوا في الولايات المتحدة بعد انتهاء مدة تأشيراتهم عام 2018، وفقاً لبيانات وزارة الأمن الداخلي الأميركية. وصرح السناتور محمد ساني موسى النائب عن منطقة في ولاية النيجر بوسط البلاد، بأن المشرعين النيجيريين سيسعون إلى إلغاء هذا الإجراء. ومضى يقول: «نمثل عملاق أفريقيا وأكبر عدد من السكان السود في العالم. لذا، فهذا مؤسف وقاسي ويحدوني أمل في أن يكون مؤقتاً».
وحث «عتيقو أبو بكر»، نائب الرئيس السابق وأقرب المنافسين لبخاري في انتخابات 2019، الولايات المتحدة على إعادة النظر في الأمر. وكتب في تغريدة يوم السبت قائلاً: «أدعو الرئيس دونالد ترامب إلى بحث إجراءات تستهدف بشكل فردي المتقاعسين في الحكومة عن أداء واجباتهم بدلا من استهداف كل السكان النيجيريين». ويؤكد مسؤولون أميركيون أن القيود لن تطبق على اللاجئين والسياح والمسافرين من أجل الصفقات الاقتصادية. لكن البعض عبّروا عن قلقهم من احتمال أن يفاقم الحظر التمييز ضد الأفارقة في الخارج. ويرى «أبوبكر الصديق عثمان»، وهو كاتب ومتخصص في وسائل الإعلام الجديدة لمجلس الشيوخ النيجيري، أن الإجراء «ينقل رسالة مفادها أن النيجيريين لا يمكن الثقة بهم. ومن يذهبون إلى الولايات المتحدة من أجل النشاط الاقتصادي أو لقضاء وقت الفراغ سيواجهون الآن مزيداً من التمحيص».
ويأتي توسيع نطاق حظر السفر في الوقت الذي تحاول فيه الولايات المتحدة تعزيز النشاط الاقتصادي في القارة التي تعد واحدة من أكثر المناطق نمواً في العالم ومواجهة النفوذين الصيني والروسي فيها. ويرى ماتيو بيج، المحلل المختص بشؤون أفريقيا في معهد تشاتهام هاوس البحثي في لندن، أنه «بدلا من تعزيز العلاقات مع أكبر اقتصاد في أفريقيا، تمضي الإدارة (الأميركية) فيما يبدو في طريق إفساد العلاقات مع واحدة من أهم دول القارة».
وكافحت نيجيريا على مدار عقود لكبح عنف المتشددين الذي مارسته جماعة «بوكو حرام» المرتبطة بتنظيم «داعش»، والذي أدى إلى نزوح أكثر من مليوني شخص من ديارهم. وتعتقد أوساي أوجيغو، مديرة مكتب منظمة العفو الدولية في نيجيريا، أن الحظر «يشيطن» أشخاصاً ضعفاء في مناطق تمسك الصراعات بتلابيبها. ومضت تقول إن الإجراء «يضفي طابعاً رسمياً على التمييز ويضر بالفارين من الصراعات والتعذيب وبأولئك الذين يريدون لم شملهم بأسرهم في الولايات المتحدة».
وأشار محللون إلى أن الحظر سيضر بالتصور عن الولايات المتحدة في الدول التي يطالها الحظر.
ويذكر أن ترامب فرض حظراً بدءاً من 2017 مستهدفاً في بداية الأمر دولا إسلامية. وأسقطت المحاكم الاتحادية الإجراء، لكن المحكمة الأميركية العليا أقرّته من جديد. ويقدّر مسؤولون أميركيون أن القيود التي تشمل حالياً 13 دولة تؤثّر سنوياً على بضعة آلاف من الأشخاص.


*رئيسة مكتب «واشنطن بوست» في غرب أفريقيا
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»