تعد الأشجار أداة مهمة لمواجهة التغير المناخي: فهي تمتص ثاني أكسيد الكربون، وتعمل على تحسين التنوع البيولوجي وزيادة المياه الجوفية. لذا فإن إضافة تريليون شجرة يمكن أن يؤدي إلى إزالة ثلثي إجمالي الانبعاثات، وفقاً للعلماء، ولهذا السبب أطلق الجميع، من المنتدى الاقتصادي العالمي إلى الشخصيات المؤثرة على «يوتيوب» برامج واسعة النطاق للزراعة، بيد أن هناك مشكلة واحدة وهي أن معدل نجاح البرامج النموذجية غالباً ما يكون ضئيلاً. وينتهي الكثير منها بعدم وصول الأشجار إلى مرحلة النمو الكامل.
بعد سنوات من التجارب، يعتقد «جون ليري» أنه وجد العنصر السحري لتعزيز النتائج: السكان المحليين.
ليري هو المدير التنفيذي لمجموعة «الأشجار من أجل المستقبل»، وهي مجموعة غير ربحية تأسست عام 1989، ومقرها في ولاية ماريلاند. كانت الملايين القليلة الأولى من الأشجار التي زرعها «ليري» وفريقه تهدف إلى إعادة التشجير (إعادة التحريج)، وتوفير تعويضات الكربون أو مناطق الحفاظ على الحياة البرية. لكن أقل من 5% من الأشجار هي التي نجت دون إشراف محلي.
ودفعهم هذا إلى نهج حديقة الغابات الذي يدرّب المزارعين على استخدام الأشجار كوسيلة لتحسين إنتاجية الأراضي المتدهورة. والآن، يمكن لبرنامج الأشجار من أجل المستقبل أن يزرع كل شجرة بأقل من 10 سنتات بينما يزيد أرباح السكان المحليين بنحو أربعة أضعاف، ويعزز معدلات بقاء الأشجار. وبدلاً من إطلاق الكربون من خلال استخدام تقنيات مثل القطع والحرق، يحصل المزارعون الذين يزرعون حدائق الغابات على أكثر من 230 طناً من ثاني أكسيد الكربون لكل فدان على مدار 20 عاماً.
ويسعى نهج حدائق الغابات إلى جعل المزارعين الفقراء أكثر ثراءً، بدلاً من التركيز على عدد الأشجار المزروعة. إنه الدرس الذي تعلمه ليري من دوره السابق كمتطوع في فيلق السلام، وهو برنامج أميركي يهدف إلى تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الخارج. وهو يقول «إنك بحاجة إلى إشراك السكان المحليين وتصميم أي مشروع بحيث يفيد المجتمع المحلي أيضاً».
حتى الآن، عمل «ليري» وفريقه من المزارعين على بناء 10,000 حديقة حرجية، والتي يمكن أن تمتص 2.4 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون على مدار 20 عاماً –وهذا يشبه منع انبعاثات 25,000 سيارة. وقد ركزت المشاريع حتى الآن على أفريقيا بشكل شبه حصري، مع وجود مشاريع كبرى في السنغال وكينيا وتنزانيا. ويستهدف «أشجار من أجل المستقبل» عادة المنطقة المتعثرة في بلد فقير. ويقوم فريق «ليري» بتشغيل 100 مزارع أو أكثر من المهتمين بتحسين مزارعهم ثم يقومون بالتدريب.
على مدار أربع سنوات، يقدم البرنامج الموارد التعليمية المصممة لتلبية احتياجاتهم المحلية والدعم المستمر، جنباً إلى جنب مع توفير البذور والشتلات. كما يتم تعليم المزارعين كيفية بناء «سياج حي» –أي زراعة أشجار على طول حواف الأراضي الزراعية، حيث يمنع هذا الجدار الأخضر حيوانات الرعي (والجيران) من نهب المزرعة. كما تساعد الأشجار على الاحتفاظ بمزيد من المياه في التربة.
وبحلول نهاية البرنامج، يمكن لكل فدان من الأراضي الزراعية التباهي بضم ما يصل إلى 1500 شجرة، كثير منها يحمل منتجات يمكن أن تُؤكل أو تباع. وأحد الأسباب الأكثر شيوعاً لتدهور الأراضي، هو أن المزارعين يزرعون النوع الخطأ من المحاصيل، لذا فإن «ليري» يساعدهم على التعرف على المحاصيل التي ستزدهر.
يقول «دومينيك سبراكلين»، أستاذ التفاعلات بين المحيط الجوي والغلاف الجوي بجامعة «ليدز» بانجلترا «من الواضح أن الحل الرئيسي للتغير المناخي يجب أن يكون خفض انبعاثات الوقود الأحفوري. لكننا سنحتاج أيضاً إلى انبعاثات سلبية، وزراعة الأشجار هي الطريقة الرئيسة للقيام بذلك... ومن المهم حقاً إشراك السكان المحليين في أي برنامج لزراعة الأشجار».

اكشات راثي

صحفي مقيم في لندن حاصل على دكتوراه في الكيمياء العضوية من جامعة أكسفورد