تحظى البيئة باهتمام فائق على الصعيد الدولي، خاصة خلال العقود الأخيرة التي باتت فيها البيئة مهددة بالعديد من الأخطار الجسيمة التي تتطلب كل التكاتف الدولي من أجل مواجهتها بشكل حاسم، للحفاظ على سلامة كوكب الأرض. وقد أدركت منظمة الأمم المتحدة منذ وقت مبكر أهمية التصدي بشكل جماعي لمثل هذه الأخطار، فاعتمدت منذ عام 1974 يوم الـ 5 من يونيو من كل عام، بوصفه اليوم العالمي للبيئة، الذي تزداد أهميته كمنصة عالمية للتوعية بأهمية الحفاظ على البيئة.
وتعطي دولة الإمارات العربية المتحدة أهمية فائقة للحفاظ على البيئة ومواجهة كل ما يهددها من أخطار، من خلال سياسات رشيدة، ليست وليدة اليوم، بل إنه تم العمل بها منذ تأسيس دولة الاتحاد على يد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي كان واحداً من أهم أنصار البيئة والمدافعين عنها، وقد ترسخت هذه السياسات بشكل أكبر خلال السنوات الأخيرة، في ظل تصاعد الأخطار التي تهدد البيئة بفعل تنامي التأثيرات الناجمة عن ظاهرة التغير المناخي.
وفي هذا الصدد، أكد صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، أن العمل من أجل البيئة مسيرة قائمة على تحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي والاجتماعي، وحماية البيئة وضمان استدامة مواردها الطبيعية، وأضاف سموه -في كلمته بمناسبة يوم البيئة الوطني الثالث والعشرين- «اليوم نحتفل للعام الثالث والعشرين على التوالي بيوم البيئة الوطني، الذي يصادف الرابع من فبراير من كل عام، في مناسبة نجدد من خلالها التزامنا الوطني والأخلاقي بالمحافظة على مواردنا الطبيعية وتنميتها والعمل على ضمان استدامتها، والاحتفاء بما حققناه من إنجازات في السنوات الماضية، والعزم على بذل المزيد من العمل والجهد لتعزيزها وتطويرها من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة وفق رؤية الإمارات 2021 وضمان بيئة نظيفة وآمنة تساهم في توفير الرخاء والسعادة لنا وللأجيال القادمة».
وفي ظل اهتمامها الفائق بالحفاظ على البيئة، وضعت دولة الإمارات العربية المتحدة مجموعة من القوانين والتشريعات والاستراتيجيات لضمان الاستدامة البيئية، وانضمت إلى دول العالم في الاعتراف بالمشاكل البيئية من خلال التوقيع والتصديق على العديد من الاتفاقات البيئية، وقطعت شوطاً طويلاً في مواجهة تحديات الطاقة والتغير المناخي في إطار رؤية 2021، والخطط الاستراتيجية لكل إمارة. وثمة علامات مهمة لجهود دولة الإمارات للحفاظ على البيئة، ومن أهمها أنه في عام 2017، أطلقت الدولة استراتيجيتها للطاقة 2050 التي تعتبر أول خطة موحدة للطاقة في الدولة توازن بين جانبي الإنتاج والاستهلاك، والالتزامات البيئية العالمية، وتضمن بيئة اقتصادية مريحة للنمو في جميع القطاعات. وسوف تستثمر دولة الإمارات 600 مليار درهم حتى عام 2050 لضمان تلبية الطلب على الطاقة، واستدامة النمو في اقتصاد الدولة.
وقد اختارت دولة الإمارات العربية المتحدة شعار «الحلول المستندة إلى الطبيعة» ليوم البيئة الوطني الـ 23، ما يؤكد التزامها بالمحافظة على الموارد الطبيعية وتنميتها، وهو ما يعد من الأهداف الرئيسة في السياسة البيئية والتنموية للدولة التي تضمنتها رؤية الإمارات 2021 التي أكدت أهمية المحافظة على البيئة الطبيعية الغنية للدولة من الأخطار الناجمة عن الأنشطة البشرية عالمياً ومحلياً.
تدرك دولة الإمارات العربية المتحدة أن حماية البيئة وتحسينها قضيتان جوهريتان، وأن المحافظة على البيئة هي التزام وليست اختياراً، وتعمل حكومة دولة الإمارات بجهود متواصلة نحو تحقيق الاستدامة البيئية في إطار تشريعي وتنظيمي، يساعد في المحافظة على البيئة ومواردها الطبيعية، وفي ظل تصاعد التحديات، فإن المطلوب هو مضاعفة هذه الجهود، من خلال المؤسسات الحكومية المعنية ومشاركة فعالة من مؤسسات القطاع الخاص.
* عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن  مركز الإمارات  للدراسات والبحوث الاستراتيجية.