في مواجهة النمو الاقتصادي المتعثر، كشفت الحكومة الهندية يوم السبت الماضي عن إجراءات ترمي إلى حث ملايين الهنود على الإنفاق وتحفيز شركات على الاستثمار. هذه مهمة مُلحة: فقد كانت الهند حتى العام الماضي أسرع الاقتصادات نمواً، لكنها تنازلت عن هذا الموقع للصين. وساءت الأخبار في الأشهر الأخيرة، مع توسع الناتج الاقتصادي للعام المالي الحالي بأبطأ وتيرة منذ عقد.
وعليه، أعلنت الحكومة خطوات لخفض بعض الضرائب، وتشجيع الاستثمار وتقليل حصصها في الشركات الكبرى المملوكة للدولة.
لكن المستثمرين الذين يتطلعون إلى خطوات جريئة لتسريع وتيرة النمو في الهند أصيبوا بخيبة أمل، حيث انخفض مؤشر البورصة الرئيس في البلاد بأكثر من 2% يوم السبت.
وفيما يلي بعض ملامح المأزق الذي يواجه اقتصاد الهند. أصبح الأداء الاقتصادي في الهند بعاني مشكلات. بينما تباطأت اقتصادات العالم في الآونة الأخيرة، وصلت الهند إلى مرحلة متدنية للغاية. ففي غضون أكثر قليل من العام، هبط النمو الاقتصادي بما يقرب من النصف ليسجل 4.5% في الربع الأخير مقابل 8%. بالنسبة لدولة متقدمة، سيعد هذا معدل توسّع صحياً. ولكن في اقتصاد نامٍ مثل اقتصاد الهند التي تأمل أن تُخرج عشرات الملايين من الفقر وتوظيف قوى عاملة ناشئة، يبدو الأمر وكأنه كساد.
وتستمر البيانات الاقتصادية في الوميض بعلامات التحذير. فمن المقرر أن تنخفض ضريبة الشركات والدخل التي تحصلها الحكومة –وهي مؤشر على حيوية الاقتصاد ككل –خلال العام المالي الحالي لأول مرة في عقدين. وتشير أحدث البيانات المتاحة إلى ارتفاع البطالة إلى أعلى معدلاتها في 45 عاماً، كما انخفض إنفاق المستهلكين وفق بيانات 2018 لأول مرة منذ أربعة عقود.
بعض الاقتصاديين يرون أن الهند تمر بمرحلة ركود مؤقت، مع تأثر النمو الاقتصادي بالبيئة غير المواتية في جميع أنحاء العالم. وفقاً لهذا النهج في التفكير، سينتهي الركود في وقت لاحق من هذا العام، وسيشهد الاقتصاد تحسناً.
ويخشى اقتصاديون آخرون من أن يكون هناك شيء أعمق من التباطؤ الدوري. وهم يشيرون إلى عوامل عديدة يمكن أن يكون لها تأثير على الاقتصاد. على سبيل المثال، يتعامل القطاع المالي في الهند مع مخلفات الديون المعدومة في قطاعات مثل العقارات والبنية التحتية، الأمر الذي أثر على مناخ الاستثمار، وجعل البنوك عازفة عن الإقراض والشركات كارهة للاقتراض من جديد.
وقال هؤلاء الاقتصاديون إن بعض السياسات زادت من صعوبة الموقف مثل القرار المفاجئ عام 2016 بإلغاء بعض الفئات النقدية الكبيرة، ما أحدث شللاً في الاقتصاد غير الرسمي الواسع في البلاد، والذي يعتمد على المعاملات النقدية. ولم يساعد إدخال الحكومة لضريبة القيمة المضافة، وهي خطوة أثنى عليها الاقتصاديون من حيث المبدأ، لكنهم انتقدوها بسبب تطبيقها غير المتقن.
فكيف كان رد فعل حكومة مودي على التباطؤ؟ حتى وقت قريب، كانت الحكومة تعترف بالكاد بحدوث تباطؤ. وفي سبتمبر، أعلنت وزيرة المالية في الهند «نيرمالا سيترامان» تخفيضات في ضريبة الشركات، بهدف تعزيز الأسهم وتحفيز الاستثمار ولا شيء أكثر من ذلك.
وحسب «كاوشيك باسو»، كبير الاقتصاديين سابقاً في البنك الدولي إن الاقتصاد بحاجة إلى حزمة تحفيزية تتمثل في زيادة الإنفاق الحكومي، لكن أي تحرك في هذا الاتجاه يهدد بتوسيع الفجوة بين الإنفاق العام والإيرادات الضريبية.
وقال «سوبرامانيا» إن الحكومة يمكن أن تبدأ بمجموعة محددة من الأهداف: إصلاح الاختناقات في النظام المالي وضمان موثوقية الإحصاءات الحكومية.
*جوانا سلاتر
*مديرة مكتب صحيفة واشنطن بوست في الهند
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»