هل سبق لك التسوق عبر الإنترنت (لحجز غرفة في فندق مثلا) وكان سعر السلعة التي اخترتها مميزاً لتعلم فقط بعد مغادرة الفندق أو استلام السلعة، أن السعر أعلى بكثير من السعر المعلن عنه في الأصل؟
هذا يحدث كثيراً، والسبب الرئيسي هو أن الأسعار المعلن عنها غالباً ما تستبعد الضرائب والرسوم.
وحتى لو كان هناك بعض الإفصاح عن هذه الحقيقة («أن الضرائب والرسوم غير مدرجة»)، فقد لا يولي المستهلكون اهتماماً. فالكثيرون منهم، بعد أن يروا سعراً مناسباً في البداية ويستقرون على اختيارهم، يودعون رقماً في بطاقة الائتمان الخاصة بهم ليصابوا بالصدمة عندما يعلموا أن الرقم النهائي أعلى بكثير من المتوقع.
ويشير بحث جديد إلى أن تنظيم الإفصاح يمكن أن يكون مفيداً للغاية. هذا البحث هو استجابة لطيفة للمتشككين المعاصرين في فوائد التنظيم الفيدرالي. فهو يجب أن يوجه صناع السياسات في كل من الحكومة الفيدرالية وحكومة الولاية، ويقدم دروساً مهمة للشركات أيضاً.
تبدأ الحكاية في 26 يناير 2012، وهو تاريخ سريان اللوائح الصادرة عن وزارة النقل الأميركية، والتي تتطلب من وكلاء السفر عبر الإنترنت وشركات النقل الجوي إضافة الرسوم والضرائب الإلزامية في الأسعار المعلنة.
وقد تأثرت هذه اللائحة بالبحث في علم الاقتصاد السلوكي الذي يشير إلى أنه عندما يتم الكشف عن الضرائب بشكل منفصل عن الأسعار الأساسية، فإن المستهلكين سيتأثرون بها، وقد ينتهي الأمر بخسارة الكثير من الأموال.
ويبدو أن لائحة «قاعدة الإعلان عن السعر كاملا» هي أول تكليف وطني يتطلب تسعيراً شاملا للضريبة.
وقد درس الاقتصاديان «سيباستيان برادلي» (من جامعة دريكسل) و«نعومي فيلدمان» (من الجامعة العبرية في القدس)، آثار هذا التفويض. وكان بحثهما تقنياً للغاية، لكن الدروس الأساسية واضحة: كان ركاب الخطوط الجوية أكبر الرابحين.
قبل سريان اللوائح، نجحت شركات الطيران في تحميل كل ضرائب التذاكر تقريباً على المستهلكين، وذلك لسبب متوقع: كان يتم الكشف عن الضرائب في المرحلة الأخيرة من الشراء عبر الإنترنت. فعندما يقوم الناس بعمليات البحث في البداية، لا يرون هذه الضرائب، رغم أن بعضهم لا يحاول التحقق منها منذ البداية.
ووجد برادلي وفيلدمان أنه بعد سريان اللائحة، وبعد أن بات بإمكان المستهلكين رؤية السعر كاملا، لم تعد شركات الطيران قادرة على تحميل كامل مبلغ الضريبة على المستهلكين. ونتيجة لذلك فقدت الإيرادات. واستجابت بعض الشركات بتخفيض الأسعار الأساسية، لتقليل مخاطر أن يلاحظ العملاء الزيادة الفورية في السعر نتيجة التسعير الذي يشتمل على الضريبة.
وعموماً، فقد أدت اللائحة إلى تحويل كبير للأموال من شركات الطيران إلى المستهلكين. والدرس الأكبر هو أن متطلبات الإفصاح يمكن أن يكون لها ما وصفه برادلي وفيلدمان ب«التأثير العميق» على ترتيبات السوق، مما قد يجعل المستهلكين في وضع أفضل.
وتتوافق هذه النتائج مع الأبحاث الجديدة في مجال حماية المستهلك، مما يشير أيضاً إلى أن تنظيم الرسوم الخفية يمكن أن يساعد المستهلكين. فمثلا تبين أن القيود التنظيمية المفروضة على رسوم الدفع المتأخر ورسوم تجاوز حد الائتمان، بما في ذلك متطلبات الإفصاح، عادت بفائدة تقدر بمليارات الدولارات على المستهلكين. وتشير الأبحاث التي أجرتها لجنة التجارة الفيدرالية إلى أنه من الممكن مساعدة المستهلكين بمزيد من الشفافية حول «رسوم المنتجعات» الفندقية، والتي غالباً ما تكون مفاجأة كبيرة.
ويشعر العديد من الناس بقلق بالغ إزاء ما يرونه تلاعباً بالمستهلكين، أحياناً من خلال استخدام الخوارزميات، وأحياناً عبر مجموعة متنوعة من الاستراتيجيات الذكية المعروفة باسم «الأنماط المظلمة»، التي يستغل بها المصممون التحيزات المعرفية للأشخاص، بما في ذلك انتباههم المحدود. والمجال برمته يستحق دراسة جدية من جانب المنظمين.
لكن هنا، كما هو الحال في أي موضوع آخر، من الذكاء أن نبدأ بالحالات السهلة. عندما لا تكون التكاليف شفافة تماماً للمستهلكين، فإن هذا يعد فشلا للسوق، ومن المحتمل أن تأتي أوامر الإفصاح بنتائج إيجابية.

*أستاذ بكلية الحقوق -جامعة هارفارد
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»