يُعدُّ تسلُّم دولة الإمارات العربية المتحدة رسمياً رئاسة المنتدى العالمي للهجرة والتنمية 2020، في ختام أعمال القمة الثانية عشرة للمنتدى، التي عُقِدت في كيتو، عاصمة الإكوادور خلال الفترة من 20 إلى 24 يناير الجاري، انعكاساً لسياسة الدولة الحكيمة، التي خطّت مسارها النموذجي بفضل توجيهات قيادتها الرشيدة، القائمة على حفظ حقوق الإنسان، وحمايتها من أي انتهاك، وخاصة الفئات الاجتماعية الأكثر تعرُّضاً لذلك؛ ما يعزز مكانة الدولة المرموقة في المجتمع الدولي؛ بصفتها مشاركاً فاعلاً في المسارات والمحافل الدولية، القائمة على تبنّي قيم التسامح وقبول الآخر وصون مكتسباته وحقوقه الإنسانية التي تنص عليها الشرائع الدولية الخاصة بهذا المجال.
وتأتي مشاركة دولة الإمارات، منذ عام 2007، بفاعلية في المنتدى العالمي للهجرة والتنمية، نظراً إلى أهميته في رسم سياسات هجرة العمل المؤقتة، وفق مبادئ تستند إلى الحوار المسؤول، وتعزيز الشفافية، وضمان حقوق الأطراف كافةً في مختلف دورة العمل التعاقدي؛ وذلك انطلاقاً من كونها أحد أهم الموضوعات على الساحة العالمية، التي تعظّم الفوائد التنموية المتبادَلة بين الدول؛ حيث أكد ناصر بن ثاني الهاملي، وزير الموارد البشرية والتوطين، رئيس وفد الدولة، الذي تسلّم موقع الرئاسة من سانتياغو شافيز، نائب وزير الهجرة الإكوادوري، حرص الدولة على البناء على المنجزات التي حققها المنتدى منذ انطلاقته؛ بما يعزز مسيرته، ويمكّن الدول الأعضاء من التعامل مع التحديات المرحلية والمستقبلية المتصلة بقضايا الهجرة والعمل والتنمية.
لقد بذلت دولة الإمارات مجموعة من الجهود التي تضمن تحقيق مستهدفات التنمية المستدامة؛ انطلاقاً من النظر إلى الإنسان بصفته أحد المقوّمات الأساسية لتحقيقها؛ ما يستدعي صون حقوقه في التنقل والعمل؛ إذ تعدُّ العمالة التعاقدية المؤقتة، التي توجد في الدولة صاحبة دور فاعل في بناء الاقتصاد الوطني وتطويره وتنميته؛ وهو ما جعلها تعمل على إعداد برنامج متكامل، سيتم تنفيذه خلال فترة رئاستها المنتدى هذا العام، يتضمَّن حزمة من القضايا المهمة؛ كعلاقات العمل في ظل المتغيرات التكنولوجية والاقتصادية، وتوثيق مهارات العمالة المتنقلة، والاستفادة من التكنولوجيا في حوكمة التنقل، ومناقشة آليات تعزيز إجراءات حماية العمال المتنقلين بين الدول، والحد من التنقل غير النظامي لهم؛ حفاظاً على حقوقهم، ومنع أي ممارسات سلبية قد يتعرضون لها.
إن رئاسة دولة الإمارات للمنتدى العالمي للهجرة والتنمية 2020، بصفتها أول دولة خليجية ترأس المنتدى الذي يضم في عضويته أكثر من 190 دولة، تشير إلى ثقة دول العالم برؤيتها ومنجزاتها في مجال صون حقوق العمال، والوقوف بوجه أي ممارسة تطول حقوقهم، وتمسّ كرامتهم الإنسانية؛ حيث وقَّعت الدولة مع المنظمة الدولية للهجرة، في ديسمبر عام 2018 مثلاً، اتفاقية تعاون بشأن تطوير برنامج مشترك لتوعية العمال بحقوقهم وواجباتهم وتوجيههم في مراحل دورة العمل التعاقدي المؤقت كافة؛ ما يضمن الهجرة الآمنة والمنظمة، ويدعم الجهود المبذولة لحوكمة العمل التعاقدي المؤقت بين الدول، ويوطّد شراكات دولة الإمارات الدولية المتعددة الأطراف والثنائية مع الدول المرسلة للعمالة.
ويعبّر اعتماد دولة الإمارات العديد من المبادرات التي تصون حقوق العمال، وتسهم في توعيتهم وتوجيههم، وتطبيق سياسات تعزيز شفافية علاقة العمل وآلياتها، كإنشاء مراكز الخدمة «توجيه»، التي تسهم في تطوير وعي العمال في سوق العمل الإماراتي بحقوقهم ومسؤولياتهم، وتقديم خدمات مبتكَرة إلى طرفي علاقة العمل بالشراكة مع القطاع الخاص الذي يدير هذه المراكز، تحت إشراف وزارة الموارد البشرية والتوطين، إحدى أهم الأدوات التي عززت ريادتها في مجالات الحقوق العمالية؛ حيث أكد تقرير حقوق العمال 2017-2018، الذي أطلقته الوزارة في عام 2018، أن دولة الإمارات تحتل المرتبة الخامسة في قائمة الدول المفضَّلة للهجرة العمالية في العالم، إضافة إلى ارتفاع نسبة العمال المسجلين في نظام حماية الأجور، وانخفاض نسبة الشكاوى العمالية، وارتفاع نسبة النزاعات التي تمت معالجتها ضمن الإطار الزمني المحدَّد، وغير ذلك من المؤشرات.

 *عن نشرة «أخبار الساعة الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.