في مساء أحد الأيام القليلة الماضية، بينما كان سكان الساحل الشرقي للولايات المتحدة يستمتعون بجو صاف استثنائي لهذا الفصل في عطلة نهاية الأسبوع، نشر البيت الأبيض تغريدة جاء فيها «أول ثلوج العام!». وكان هذا زعماً غريباً للغاية مع الأخذ في الاعتبار أن درجة الحرارة كانت 55 فارنهايت (13 مئوية) حين نشر البيت الأبيض تغريدته. وأطلقت التغريدة وابلاً من التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي. وأشير إلى أن الصورة كان على الأرجح لأول سقوط للثلوج التقطت في السابع من يناير ولم تنشر على تويتر إلا يوم 12 يناير. لكن البيت الأبيض لم يقدم بالطبع توضيحاً أو أي تفسير.
وهذا خطأ تافه ربما يرجع لعدم الكفاءة وليس لسوء النوايا. ولا أريد أن أجهد نفسي فيه، لكن القصة تُلقي الضوء على بضعة أمور عن البيت الأبيض. أولاً: بحسب معرفتي، لم يقر البيت الأبيض قط بالخطأ في مثل هذه الأمور لأن هذا سيوحي بعدم العصمة الرئاسية من الخطأ أو غيرها من مثل هذه الطعون. ثانياً هذه هي بالضبط نوع القصص الذي يحسمه مؤتمر صحفي للبيت الأبيض لكن «ستيفاني جريشام»، المتحدثة باسم البيت الأبيض، مازالت تواصل نهجها في عدم عقد أي مؤتمر. وهذه الحقيقة جعلت جماعة أشخاص من الحزبين ممن شغلوا منصبها من قبل ينشرون خطاباً مفتوحاً يدعونها إلى عقد بعض الإفادات الصحفية مجادلين-بين حجج أخرى- أن «البلاد تحتاج إلى مصادر موثوق بها من المعلومات التي تُقدم في الوقت الملائم وبرنامج منتظم».
وردت «جريشام» على هذا ببيان أرسلته إلى «مايك آلن» من مؤسسة «اكسيوس الإعلامية» وصفت بغير دقة الخطاب بأنه مثال على «التفكير الجماعي» مضيفة أن «هذا الرئيس غير تقليدي في كل شيء يقوم به. إنه يعيد كتابة قواعد السياسة. والمسؤول الصحفي للبيت الأبيض وجميع من في الإدارة يدركون هذا».
وولاء «جريشام» لرئيسها يمثل شعار الحزب «الجمهوري» إجمالاً هذه الأيام. ورغم أن الرئيس لا يسيطر على 95% من دعم «الجمهوريين»- رغم مزاعمه المتكررة بعكس ذلك- لكنه يتمتع بشعبية كبيرة بينهم. وهذا يقودنا إلى قصص منها أن البيت الأبيض غضبه من النائب «الجمهوري» مات جيتز- أحد أكثر الموالين إخلاصاً لترامب في مجلس النواب- لأنه أيد بالفعل إجراء يقيد سلطة الرئيس في شن الحرب على إيران. وذكر تقرير لـ«واشنطن بوست» أن «مسؤولاً بارزاً من البيت الأبيض أعلن أنه كان من غير اللطيف للغاية ومن غير الحكمة تماماً أن يسعى جيتز إلى تقييد سلطة الرئيس»، فهذا هو العالم الذي خلقه ترامب في أرض الحزب «الجمهوري». فهناك غموض في نواياه وتعصب في قناعاته بأن الرئيس والبيت الأبيض معصومان من الخطأ وحماس لمعاقبة الناشزين.
لكن مطالبات ترامب المتكررة بالولاء من الأعضاء «الجمهوريين» في الكونجرس تجعلني أتمسك بالشك.
وحين بدأت عملية مساءلة الرئيس في مجلس النواب كان يبدو أن عدداً قليلاً من الأعضاء «الجمهوريين» المتحفظين في مجلس النواب قد يصوتون لصالح المضي قدماً في توجيه الاتهام. لكن تبين أن هذا كان محض خيال. وربما يصبح مجلس «الشيوخ» مختلفاً، لكن من المرجح أن أي خروج على نهج الحزب «الجمهوري» سيكون مقتصراً على عمليات التصويت المتعلقة بالإجراءات. وفي هذه المرحلة، يبدو كما لو أن «الجمهوريين» المخلصين سيتخلون عن قيمهم بأسرع من إبداء ولائهم لترامب. وإذا اتضح أن هذا ليس صحيحاً، ستكون مفاجأة سعيدة.
*أستاذ السياسة الدولية في كلية فليتشر للحقوق والدبلوماسية بجامعة تافتس.
ينشر بترتيب خاص مع «واشنطن بوست بلومبيرج نيوز سيرفس»