لأنها تتطلع نحو المستقبل بطموحات لا حدود لها، وتطرق أبوابه بثقة تامّة وعزم على بلوغ القمم، تسعى دولة الإمارات بشكل حثيث إلى أن تصبح مركزاً عالمياً للعقول والمواهب، وملتقى دائماً للمبدعين وأصحاب الأفكار الخلاقة القادرين على صناعة التغيير نحو الأفضل، وتبذل في هذا المضمار جهوداً جبارة غايتها توفير البيئة الحاضنة المثالية التي تمكنهم من تجسيد ما يدور في أذهانهم واقعاً على الأرض، وتحويله إلى ابتكارات تخدم الإنسانية وتقودها نحو آفاق أرحب من التقدم.
استراتيجية الدولة في هذا الصدد تشكل نموذجاً عالمياً في مجال التنمية والتخطيط، فهي تسير ضمن مسارين متوازيين، يركز الأول على تشجيع العقول والمواهب المواطنة وتأهيلها وتدريبها، وإتاحة أفضل الفرص لها لمواكبة أحدث ما توصل إليه العلم وآخر ما أنتجته التقنيات، وعلى الصعيدين الأكاديمي والتطبيقي، عبر الابتعاث إلى أفضل الجامعات وأرقى مراكز البحوث وصناعة التكنولوجيا، بينما يركّز المسار الثاني على استقطاب الكفاءات والمواهب المتميزة في القطاعات الحيوية كافة، وتوفير كل ما يلزم للاحتفاظ بها لتسهم في مسيرة النهضة والتقدّم التي تشهدها الإمارات، وتمكينها من التفرغ للإبداع وتشجيعها على نقل خبراتها ومعارفها إلى الكفاءات الواعدة من المواطنين والمقيمين.
وضمن هذا النهج الساعي إلى تعزيز أركان النهضة العلمية في دولة الإمارات، جاء حضور صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، قبل يومين «خلوة خبراء الذكاء الاصطناعي» التي أكد خلالها أن دولة الإمارات تركز في سعيها إلى صناعة مستقبلها على رؤية استشرافية تتبنى التوجهات والتطورات العالمية، وتدعم العقول الشابة والمواهب الواعدة، وتشجع الابتكارات الحديثة والأفكار الإبداعية، وتتبنى التكنولوجيات المتطورة، بحيث تصبح الخيار الأول لشركات التكنولوجيا والمواهب المتخصصة في مجالات الذكاء الاصطناعي حول العالم، وواحدة من أفضل دول العالم في تطوير هذا القطاع المستقبلي، والاستثمار في إمكانياته.
إن مشاركة سموّه في هذه الخلوة، وغيرها الكثير من الفعاليات المشابهة، هي رسالة علينا جميعاً أن نعيها وندركها بكل ما أوتينا من حواس، وهي أن في دولة الإمارات قيادة رشيدة لا تغفل، رغم انشغالاتها السياسية ومسؤولياتها العظيمة، عن التفكير الدائم في مستقبل هذا الوطن، وأنها تضع نُصب عينيها تحقيق أهداف مئوية الإمارات 2071، وفي مقدّمتها تدعيم الاستثمار في التعليم الذي يركز على التكنولوجيا المتقدمة، وتعزيز نهج الانفتاح واستقطاب الكفاءات وتوفير الحاضنات العلمية والاقتصادية التي تمكّنها من الإبداع في ابتكار كل ما يسهم في تحقيق السعادة وتطوير مستوى الحياة ونوعيتها وجودتها، وهو ما يضع على عاتق كل مواطن ومقيم ومحب للإمارات مسؤولية الإسهام في هذا الجهد الوطني، والحرص على أن يكون جزءاً فاعلاً ومؤثراً في مسيرة العبور نحو المستقبل.
السباق يتسارع وتشتد فيه المنافسة، والمراكز الأولى لا تنتظر سوى من يحث الخطى ويسابق الزمن نحو الصدارة العالمية، ويلغي من قاموس حياته كلمة «مستحيل»، خاصة أننا نعيش في عصر ثورة تكنولوجية تتسارع إلى درجة يعجز الإنسان في بعض الأحيان عن مجاراة مستجداتها اليومية وطفراتها المتلاحقة، ومن بينها تطورات الذكاء الاصطناعي التي باتت الشغل الشاغل للعلماء وأصبحت، كما قال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله: «محوراً أساسياً لصناعة مستقبل الدول والشعوب حول العالم، وعنصراً رئيساً في خطط عمل حكومات المستقبل، ومحفزاً لنمو الأسواق العالمية والقطاعات الاقتصادية الجديدة». فالمطلوب هو أن نستلهم رؤية القيادة الحكيمة التي تصِل الليل بالنهار في سبيل تميز الإمارات وارتقائها والسير بها في مقدمة صفوف التطور والحداثة، انطلاقاً من قناعتها بضرورة خوض غمار التحدي لتعزيز تنافسية الإمارات بين دول العالم المتقدم، وأن نسعى إلى تسخير ما حبانا الله به من نِعَم الأمن والأمان والسعادة والعيش الرغيد، لخدمة رؤية وطننا وتحقيق طموحاته، فما نيل المطالب بالتمني ولكن تؤخذ الدنيا غلاباً.
عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية