يشكل التعليم العالي خارج الدولة الأم بوابة تقود الطالب إلى ثقافات وشخصيات جديدة، ففرصة الدراسة في دولة أخرى غالباً ما تؤدي بالفرد إلى صداقات تدوم مدى الحياة، وتفتح أمامه آفاقاً واسعة في مختلف المجالات، بل وتقوده إلى زيادة عوامل نجاحه، واحتمالات حصوله على أفضل الوظائف مستقبلاً.
والتنوع في وجود الطلاب من جنسيات مختلفة يثري بالفعل المشهد التعليمي، ويسهم في زيادة المعرفة العامة بالتعرف على وجهات النظر المتباينة والآراء الجديدة من مختلف الأطياف والخلفيات والثقافات. ولا ينكر أحد أن المدن التي تضم أعداداً كبيرة من الطلاب الدوليين ستكون، على الأغلب، الأكثر استعداداً من غيرها لاستقبال المزيد منهم مستقبلاً.
ومما لا يثير الدهشة، ربما، هو تصدر دولة الإمارات العربية المتحدة المشهد العالمي في مجال التنوع الطلابي الموجود على أراضيها، من حيث وجود أعلى نسبة من الطلاب الدوليين من إجمالي عدد الطلاب الكلي من الذين يدرسون في المؤسسات الأكاديمية المصنفة عالمياً. وهذه الصدارة هي في الحقيقة تجسيد واقعي للمستويات الحضارية التي وصلت إليها دولة الإمارات بفضل جهود القيادة الحكيمة في مجالات التعليم والتسامح والتعايش.
وعام التسامح وإن ودّعَنا مغادراً، لكنه مستمر في أثره بما تزخر به دولة الإمارات من بيئات غنية بقيم التسامح والتعايش، والتي تجسدت بالدليل عبر احتضانها أفضل المدن العالمية ترحيباً بالطلبة الدوليين ومن أنحاء العالم كافة. لكن المدهش في الموضوع هو في تصدر المنطقة المدمجة، دبي/ الشارقة/ عجمان، ومدينة أبوظبي، المركزين الأول والثاني على الترتيب عالمياً، وذلك ضمن الإصدار السادس من دليل أفضل المدن الطلابية في التنوع، والذي أعده مركز استشارات «كيو إس» العالمي للتصنيفات الجامعية والدراسات العليا وصدر مع نهاية العام الماضي 2019. ويلاحَظ من خلال النتائج أن المدن العشر الأولى موجودة حقيقة في أربع دول فقط، وهي: دولة الإمارات العربية المتحدة - دبي/ الشارقة/ عجمان (1)، أبوظبي (2)، والمملكة المتحدة - كوفنتري (3)، لندن (4)، إدنبره (9)، وأستراليا – ملبورن (5)، سيدني (6)، كانبرا (6 مكرر)، بريسبن (9 مكرر)، ونيوزيلندا مع مدينة أوكلاند بالمركز الثامن.
ويشار إلى أن تصنيف المدن في هذا الدليل اعتمد على استطلاع الآراء لأكثر من 87 ألف طالب حالي ومستقبلي من خارج المدن المعنية بالدراسة، والتي بلغ عدد من شملها الاستطلاع أكثر من 125 مدينة، حيث تم النظر في شمولها بنتائج الدراسة بعد تحقيقها شروطاً محددة، منها أن يكون عدد سكانها أكثر من 250 ألف نسمة، وأن تكون موطناً لاثنتين على الأقل من الجامعات المدرَجة في أحدث التصنيفات العالمية.
واعتمدت النتائج الدليل على نسبة الطلاب الذين بقوا في الدولة بعد انتهاء دراساتهم، أو الذين قالوا إنهم يرغبون في البقاء فيها سنة على الأقل بعد التخرج. وعكست النتائج تصورات الطلاب لمدى توافر فرص العمل وجودتها في المدينة، فضلاً عن آرائهم في تجربتهم الاجتماعية في المدينة بشكل عام، والأهمية التي أبداها الطلاب الدوليون في اختيارهم لبيئة الدراسة في مدينة معينة من حيث كونها مضيافة ومتماشية مع خلفياتهم الثقافية وأسلوب حياتهم وهواياتهم. ونتائج الدليل، قدمت بحسب الجهة المصدرة، مؤشراً واضحاً إلى مدى التقدم الاجتماعي في الدولة، بما في ذلك مستويات التسامح والشمول والمعيشة وسهولة التنقل والقدرة على تحمل التكاليف وفرص العمل والفنون والثقافة. وتم ترتيب المدن بناءً على نتائجها في عدد من العناصر، منها كون الطالب اعتبر الدولة مكاناً رائعاً للدراسة بسبب مستوى التعليم المتقدم الذي توفره، والاحترام الذي تحظى به الدولة عالمياً وسمعتها بالنسبة إلى هؤلاء الطلاب، وجودة أداء الجامعات الموجودة فيها، وفرص الحصول على دعم مالي أو منح دراسية منها، والسمعة الممتازة دولياً لخريجي تلك الجامعات، وخيارات العمل المتاحة للطالب أثناء دراسته، ونفقات المعيشة العامة، والقدرة على تحمل تكاليف الدراسة، وعوامل أخرى كذلك مثل: جودة مستويات المعيشة والأمان والسلامة، ومستويات التلوث ومدى فاعلية النقل العام والخدمات الصحية وتنوع المرافق الخدمية، وأماكن الترفيه، والنشاطات الاجتماعية والرياضية والفنية.
*عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.