هزّت حملة القرصنة والتضليل التي سعت للتدخل في الانتخابات الرئاسية عام 2016 ثقة الأمة الأميركية في ديمقراطيتها، ودفعت الأمن السيبراني في التيار الرئيسي للحياة السياسية لواشنطن إلى صدارة الاهتمام العام.
والأسئلة الرئيسية الآن، ليست مجرد متى ولكن كيف ستتم محاولة التدخل في الانتخابات الرئاسية القادمة؟ وما إذا كان المتدخلون ستشجعهم حقيقة أنهم لم يواجهوا بعد أي عواقب كبيرة، ما إذا كان خصوم أميركا الآخرون سيقفزون إلى المعركة؟
أخبرني «جون هولتكويست»، مدير التحليل الاستخباراتي في شركة الأمن السيبراني «فاير آي»، وقال: «لا أحد عاقبهم في الواقع على ذلك، والحقيقة هي أن خصومنا يستغلون الظروف باستمرار. وهم يرون أنه يمكنهم الإفلات من العقاب، وبعد ذلك يتجاوزون الحدود مجدداً».
وإذا انتهت الانتخابات دون وقوع كارثة أمنية تشكل خطراً على النتائج أو تقوض ثقة الجمهور فيها، فإن هذا سيُعد نصراً للتخطيط القوي وللتعليم ولإنفاق أكثر من 900 مليون دولار على الدفاع عن الانتخابات الرقمية منذ عام 2016. لكن إذا تم تعطيلها، فستكون ضربة قاسية للإيمان بالديمقراطية ولفكرة أن الولايات المتحدة يمكنها وضع أي خطوط حمراء في الفضاء الإلكتروني، لن يتمكن خصومنا من تجاوزها.
وقالت «بيتسي كوبر»، مديرة السياسة التقنية بمعهد آسبن ومسؤولة الأمن السيبراني السابقة بوزارة الأمن الداخلي: «إذا تدخل شخص ما بنجاح في انتخاباتنا مرة أخرى، فسيثير الشك في أمن المؤسسة الديمقراطية برمته».
ويرى جون باتمان، زميل في مبادرة السياسة الإلكترونية في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، ومسؤول الأمن السيبراني السابق في البنتاجون، أن «وقوع حلقة أخرى كبيرة من التدخل في الانتخابات يمكن أن يكون مدمراً، لاسيما إذا كان يُنظر إليها على أنها تقلب التوازن في انتخابات قريبة»، ويمكن أن تتسبب في «نوع من السخرية السياسية الشائعة في الدول الفاسدة أو الديمقراطيات المعيبة».
وبالفعل تحذّر الاستخبارات الأميركية ووكالات إنفاذ القانون من أن دولاً تتوق إلى تقويض سباق 2020. وقال «روبرت سيلفرز»، مسؤول بارز سابق في إدارة الأمن السيبراني التابع لوزارة الأمن الداخلي: «ما فعلوه في 2016 أنار الطريق أمام رؤساء بلدان أخرى حول ما يمكنهم فعله». وأضاف: «إنه أمر غير مكلف وسهل نسبياً، لذا فالأمر سيكون أكثر ازدحاماً».
وفيما يلي خطوط أخرى مهمة عن الأمن السيبراني قد نشاهدها في 2020:
1- قد لا ينتظر القراصنة الذين يسعون إلى تعطيل الانتخابات حتى شهر نوفمبر، وقد يحاولون التلاعب بأنظمة الانتخابات لبث الفوضى خلال الانتخابات التمهيدية والمؤتمرات الحزبية، وإثارة التساؤلات حول ما إذا كان المرشح الصحيح قد تم الإعلان عن أنه الفائز في السباق. ويمكنهم إطلاق حملات تضليلية لبث الفرقة بين الجناحين التقدمي والمعتدل للحزب «الديمقراطي»، رغم دفاعات المدافعين قبل يوم الانتخابات، بمن فيهم المسؤولون المحليون ومسؤولو الولايات الذين سيختبرون ماكينات التصويت الجديدة وأنظمة اختبار الأمن السيبراني خلال الانتخابات التمهيدية والمؤتمرات الحزبية. وستقوم إدارة الأمن السيبراني التابعة لوزارة الأمن الداخلي بإدارة غرف حرب على الإنترنت للمسؤولين المحليين، خلال جميع الانتخابات التمهيدية والمؤتمرات الحزبية، كما ستدير فريقاً كاملا للتدخل السريع، يضم مشاركين من الوكالات الفيدرالية وشركات التكنولوجيا، في يوم الثلاثاء الكبير وانتخابات نوفمبر.
2- ستتسلم دولة أجنبية السيطرة في الفضاء الإلكتروني، ويبدأ قادة الحكومة والقطاع الصناعي العام في حالة قصوى من التأهب للهجمات السيبرانية المتوقعة، رداً على الأحداث الأخيرة في الشرق الأوسط. ومع وصول الصراع بين الدول إلى أعلى مستوياته منذ سنوات، فإنهم يشعرون بالقلق من أن مثل هذه الهجمات قد تتجاوز الحدود الخطيرة، متسببةً في أضرار مالية كبيرة، أو حتى في إزهاق أرواح. يقول «جيف كوزيف»، أستاذ مساعد في قانون الأمن السيبراني بالأكاديمية البحرية الأميركية: «نحن في أرض مجهولة هنا لأسباب عديدة». وإذا تجاوزت الدولة الأجنبية تلك الخطوط الحمراء، فسيتعين على إدارة ترامب مواجهة بعض القرارات السياسية الصعبة، بشأن ما إذا كانت ستتجاوز هي أيضاً الحدود في الفضاء السيبراني وفي أي مرحلة يستحق الهجوم السيبراني رداً عسكرياً تقليدياً.

وفي عام 2020، استعدوا لمعركة أوسع بكثير عبر مجموعة من التقنيات الناشئة، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمية، والتي ستحدد من الذي يتحكم في مستقبل الإنترنت ومدى أمانه. ويقول «فرانك شيلوفو»، مسؤول أمن سيبراني سابق في البيت الأبيض، إن «دولة وحيدة يمكن أن تغير قواعد اللعبة على الولايات المتحدة. إنهم أكثر استعداداً من الناحية الاستراتيجية منا بكثير».
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»