لا أتذكر بوضوح، اللحظة التي تحولت فيها إلى ناشط في حماية البيئة والكوكب، لكنها حدثت العام الماضي، وفي وقت متأخر من حياتي، فبعد أن بلغت الـ49 من المحتمل جداً أن ما بقي من عمري أقل مما عشته، وقبل هذا لم أفعل أكثر مما يفرضه القانون، لقد عشت في مدينة نيويورك منذ عام 1994، وتم فرض عملية إعادة التدوير تدريجياً في المدينة، بحلول عام 1997، حيث قمت بتدوير ما هو مطلوب.
وقبل خمس سنوات، حين ذهب آخر أبنائي إلى الدراسة في الجامعة، تخلصت من سيارتي لكن ليس لأسباب بيئية، بل لم أعد فحسب في حاجة إليها، وكان الاحتفاظ بها مكلفاً، لكن شيئاً حدث لي العام الماضي، ربما بسبب دفاع جريتا تونبيرج عن البيئة، وسماع خطبتها القوية أمام الأمم المتحدة، التي انتقدت فيها زعماء العالم قائلة: «سرقتم حلمي وطفولتي بكلماتكم المفرغة من المعنى، لكني كنت من المحظوظين، الناس يعانون ويموتون وأنظمة بيئية بكاملها تنهار، إننا في بداية انقراض جماعي، وكل ما يمكنكم الحديث عنه هو المال وخرافات عن نمو اقتصادي أبدي. ويحكم!».
ولعل ما دفعني إلى هذا، هو مشاهدتي لمقطع «بيل ني» على يوتيوب، الذي حذّر فيه بكلمات غاضبة من ارتفاع حرارة الكوكب، وربما يكون ما دفعني إلى هذا هو تحذيرات العلماء من أن التغير المناخي يتسارع بمعدل أكثر مما توقعوا، وأننا نقترب من نقطة اللاعودة.
والحقيقة التي ظلت عالقة في ذهني، جاءت من البحث على جوجل، بشأن المدة التي يستغرقها تحلل حقائب البلاستيك، والإجابة هي أننا لا نعلم، فبعض التقديرات تشير إلى أن هذا قد يستغرق 500 عام، وتقديرات أخرى تشير إلى 1000 عام، هناك فساد أخلاقي في استخدام حقيبة لمدة عشر دقائق- من المتجر إلى المنزل- مع احتمال أن تظل هذه الحقيبة على الكوكب لألف عام، ولذا اشتريت على الفور حقائب تسوق تُستخدم مرات، واشتريت أكياس قمامة قابلة للتحلل، وعثرت على أماكن تعيد تدوير العدد القليل من أكياس البلاستيك التي لدي، وهذا جعلني أفكر بشأن ما أنتجه من كربون، وتأثيري في البيئة الآن، ومدى اختلاف هذا عن الطريقة التي نشأت بها، فحين كنت طفلاً، كان لأسرتنا تأثير بيئي طفيف، وهذا يرجع في جانب منه لأننا كنا فقراء، كان معظم الطعام يأتي من عقارنا، ولم تكن هناك انبعاثات من الشحن، ولم يكن هناك تغليف أو مبيدات، وكان فناء المنزل به عدد قليل من أشجار الجوز والتفاح وشجرة تين وشجرة خوخ، وكان التوت الأسود ينمو بالقرب من السور، ولم نكن نهدر شيئاً من الطعام، كنا نلتهم معظم ما تصنعه أمي من طعام، فقد كانت بارعة في تحويل ما تبقى من طعام إلى وجبات جديدة، وما كنا نشتريه من طعام لم يكن مغلّفاً بكثافة كما هو الحال الآن، وكنا نشتري البيض والبطاطا الحلوة بالجملة في صناديق، وفي المناسبات القليلة التي كنا نشتري فيها البيض في حاويات بلاستيكية، كانت أمي تحتفظ بها، وتستخدمها كصناديق قمامة.
وحين فكرت في هذا، وتخيلت الكميات الهائلة التي نتسبب فيها، أنا وأسرتي، من النفايات الآن، شعرت بالخزي، لذا قررت ألا أقلل فحسب ما أنتجه من نفايات، بل أن أقلص استهلاكي من الأشياء التي يمكن إعادة تدويرها، فإنتاج هذه الأشياء أولاً لا يستهلك الطاقة فحسب، بل تستهلك إعادة تدويرها طاقةً كذلك، وحاولت قطع المزيد من الخطوات لتقليص ما أنتجه من كربون، فأنا أستقل المواصلات العامة غالباً، وتوقفت عن استهلاك اللحوم الحمراء، التي يتسبب إنتاجها في انبعاثات كربون هائلة، وأصبحت أشتري المزيد من الخضروات والفاكهة من سوق المزارعين المحليين، وغيرت كل مصابيح المنزل لتصبح من النوع «ليد»، وخفضت درجة التدفئة.
ولا شيء من هذا يجعلني نموذجاً مثالياً للمدافع عن البيئة، لكنه يوضح لأشخاص مثلي أنه الأوان لا يفوت أبداً على بدء المحاولة، وأن أقل جهد يؤثر، وأن المرء يستطيع الإصلاح مهما تقدم به العمر، والحفاظ على البيئة لا يتطلب تعديل سلوكنا فحسب، بل كذلك حثّ الآخرين على الانضمام إلينا، ولم تكتمل بعد رحلتي في الدفاع عن البيئة، بل بدأت الآن فحسب.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»
 
 
Canonical URL
https://www.nytimes.com/2020/01/08/opinion/radical-environmentalism.html