ركزت الإمارات العربية المتحدة على تعزيز التسامح والسعادة ودعم الشباب، كذلك تبنت دورها الرائد في مجال التنمية والمساعدات الإنسانية والسياحة. ومع تصاعد الصراعات والتطرف في المنطقة، بالإضافة إلى ما يتداوله الإعلام من إشاعات قد تكدر من صفو هذه الصورة التي رسمتها الإمارات لنفسها واستحقتها عن جدارة. وبالتالي لكي تحافظ الإمارات على هذه الصورة، ولا يختلط الحابل بالنابل، عليها التكثيف من قوتها الناعمة الإعلامية، وخاصة من إنتاجها لصناعة الأفلام التي توضح قيمها الجوهرية وأنها أكثر دول العالم أماناً.
فبعد مقتل قاسم سليماني، قائد «فيلق القدس»، في بغداد من قبل الولايات المتحدة، نُشرت تقارير كثيرة تتساءل عن الأمن، كذلك جرت تحذيرات كثيرة تنصح المواطنين الغربيين بعدم الذهاب للوجهات السياحية في المنطقة وطالت هذه التحذيرات والإشاعات الإمارات.
وقد خاطبت سعادة منى المري، مدير عام المكتب الإعلامي لحكومة دبي، عبر حسابها بـ«تويتر»، صحيفة «التلغراف» البريطانية، «يا صحيفة التلغراف، رجاءً حددوا موقفكم، هل أنتم تحذرون السياح البريطانيين من زيارة دبي، أم تدعونهم لزيارة شواطئها الآمنة؟ أنتم تشتتون قُراء الصحيفة». وكل هذه الإشاعات والتشويش الخارجي يتطلب زيادة الاستثمار في القوة الناعمة وبشكل رئيسي في صناعة الأفلام سواء من خلال الأفلام السينمائية أو إنتاج أفلام نتفليكس أو يوتيوب وأن يكون في محتوى هذه الأفلام توضيح المبادئ التي استندت عليها وزارات كان تدشينها خطوة رائدة في دولة الإمارات مثل «التسامح»، و«السعادة»، وأنها مبادئ ومبادرات، تأتي لتحقيق النهج المبتكر الذي اتبعته البلاد بشكل استباقي.
فمثلاً الجهود التي بذلتها الإمارات في عام التسامح من زيارة البابا فرنسيس وعقد مؤتمر «الأخوة الإنسانية»، وما ترتب عليه من مشروع بناء «بيت العائلة الإبراهيمية» بأبوظبي الذي سيجمع بين مسجد وكنيسة وكنيس، كل هذا لابد من تعظيم المكاسب المترتبة على إنشائه، حيث يمكن تعزيز هذه المكاسب من خلال صناعة أفلام مبتكرة توضح هذا النموذج الفريد للتسامح بالمنطقة، بينما تتزايد الكراهية والطائفية في العالم.
أيضاً من خلال هذه الأفلام يمكن تصحيح الصورة النمطية لدول الخليج، وتوضيح صورة لهذه الدول تتجاوز أكثر من كونها دولاً غنية بالنفط والسياحة والمعالم الفاخرة والترفيهية، فينبغي لفت الانتباه إلى السياحة الثقافية مثل زيارة متحف اللوفر أبوظبي ومتحف زايد الوطني وأوبرا دبي، وغيرها من المعالم الثقافية.
كذلك يعد الاستثمار في صناعة الأفلام أمراً مهماً أيضاً لتحسين صورة البلاد، خاصةً وقت الحروب والأزمات. مثلاً، يمكن لفيلم عن الحرب في اليمن توضيح أن القوة الصلبة للإمارات كانت لخدمة قوتها الناعمة في تعزيز السلام بالتخلص من الإرهابيين في اليمن. ففيلم واحد من هذا النوع بإنتاج ضخم بإمكانه أن يغير الصورة غير الصحيحة التي تحاول غرسها بعض وسائل الإعلام المغرضة ضد الحرب.
لقد اهتمت الإمارات بالاستثمار في صناعة الأفلام من خلال استضافة مهرجان دبي السينمائي وكذلك فتحت شركة أبوظبي للإعلام IMAGE NATION، وهو صندوق لدعم الإنتاجات المحلية والدولية للأفلام. وفي عام 2017، شُكّل «مجلس القوة الناعمة لدولة الإمارات»، والذي يهدف إلى تعزيز سمعة ومكانة الدولة إقليمياً وعالمياً. لكن أهم ما ينبغي التركيز عليه: وضع استراتيجية لإدارة الأزمات مثل الأفلام التسجيلية القصيرة التي توضح مواقف معينة من تطورات راهنة، وكذلك تعزيز صورة الإمارات كبلد محوري للتسامح، وأنها من أكثر دول العالم أماناً.
*باحثة سعودية في الإعلام السياسي