ذكرت دراسة أجرتها شركة «روديوم جروب» البحثية الخاصة، أن انبعاثات الولايات المتحدة من الغازات المسببة للاحتباس الحراري انخفضت بنسبة 2.1% العام الماضي، مقارنة بعام 2018، وهذا يرجع بالكامل تقريباً إلى الانخفاض الكبير في استهلاك الفحم. وذكرت الدراسة أن توليد الكهرباء عن طريق حرق الفحم انخفض بنسبة قياسية، بلغت 18% إلى أدنى مستوى له منذ عام 1975. وينتج حرق الفحم ثاني أكسيد الكربون الذي يغذي ظاهرة تغير المناخ. لكن التقلص الكبير في استهلاك الفحم طغت عليه الانبعاثات المتصاعدة من استخدام الغاز الطبيعي الرخيص. وانبعاثات وسائل المواصلات التي ظلت ثابتة نسبياً، بينما تصاعدت انبعاثات المباني والصناعة والقطاعات الأخرى من الاقتصاد.
والانخفاض الإجمالي المتواضع في الانبعاثات يجعل الولايات المتحدة غير قادرة، على الأرجح، على الوفاء بتعهداتها في الاتفاقات الدولية. ويرى تريفور هاوسر، قائد فريق الطاقة والمناخ في «روديوم جروب»، أن «العام الماضي حمل أنباءً جيدة وأخرى سيئة. فقد حدث أكبر انخفاض في الانبعاثات الناتجة عن توليد الطاقة الكهربائية، بينما لم يتحقق إلا القليل من التقدم في قطاعات الاقتصاد الأخرى. والانبعاثات لم تنخفض بسرعة كافية لتلبية أهداف اتفاق كوبنهاجن أو اتفاق باريس».
وفي عام 2019، انخفضت انبعاثات الولايات المتحدة المسببة للاحتباس الحراري 12% تقريباً عن مستويات عام 2005. وذكرت الدراسة أن هذا يجعل الولايات المتحدة غير قادرة على الأرجح على خفض الانبعاثات بنسبة 17% بحلول عام 2020، وهي النسبة التي يستهدفها اتفاق كوبنهاجن لعام 2009. وأضافت الدراسة أن الانبعاثات الأميركية العام الماضي ما زالت «بعيدة» عن النسبة التي تتراوح بين 26% و28% التي تعهدت الولايات المتحدة بتقليصها بحلول عام 2025، بموجب اتفاق باريس للمناخ عام 2015. وذكر هاوسر أن الولايات المتحدة مسؤولة عن 11% من الانبعاثات العالمية المسببة للاحتباس الحراري.
وتأتي دراسة «روديوم جروب» بعد أن ارتفعت انبعاثات الولايات المتحدة في عام 2018 بنحو 2.7% وبالتالي، انتهى الحال بانبعاثات الاحتباس الحراري في أميركا عام 2019 بارتفاع طفيف عما كانت عليه بنهاية عام 2016.
وذكرت الدراسة أنه برغم حقيقة تغير مسار معدل الانبعاثات، فإنه «لسوء الحظ لا يوحد إلا القليل من الأنباء الجيدة خارج قطاع الطاقة». فقد تراجعت الانبعاثات من السيارات والشاحنات والطائرات والمركبات الأخرى بنسبة هزيلة بلغت 0.3%. فيما ارتفعت الانبعاثات الصناعية بنسبة 0.6%، والانبعاثات المباشرة من المباني بنسبة 2.2%، والانبعاثات من القطاعات الأخرى بنسبة 4.4%. ولتلبية الأهداف الخاصة بتقليص مستويات تلوث المناخ مستقبلاً، يتعين على الولايات المتحدة القيام بتقليص كبير وواسع النطاق مع المزيد من تقليص استخدام الفحم الذي انخفض بنسبة النصف في العقد الماضي، وهذا سيكون أكثر صعوبة.
وجاء في الدراسة: «بلوغ هدف اتفاقية كوبنهاجن، أي تقليص الانبعاثات بنسبة 17%، يتطلب تقليصاً بنسبة 5.3% في صافي انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري هذا العام، وهو انخفاض سنوي أكبر مما شهدته الولايات المتحدة للفترة التالية للحرب مع استثناء عام 2009 بسبب الركود الكبير». وتحقيق أهداف اتفاق باريس يتطلب تقليصاً، على مدار السنوات الستة التالية، بسرعة أكبر ثلاث مرات عما شهدته السنوات الأربعة عشر الماضية. وقد جاء في الدراسة: «هذا مازال ممكناً، لكنه يتطلب تعديلا كبيراً، وقريباً جداً، في السياسة الاتحادية». وأحد العوامل التي خفضت مستوى الانبعاثات كان بطء الاقتصاد بصفة عامة. فقد تباطأ النمو إلى 2.3% في الأرباع الثلاثة الأولى من عام 2019 هبوطاً من 2.9% عام 2018.
وذكرت الدراسة أن التغير كان أوضح ما يكون في تباطؤ نمو الشحن البري، من 7.1% أثناء الأرباع الثلاثة الأولى من عام 2018 إلى 4.1% في الفترة نفسها من عام 2019. وجاء في الدراسة: «هذا جعل الزيادة بنسبة 5.6% في طلب الديزل أثناء الأرباع الثلاثة الأولى عام 2018 تتحول إلى تقلص بنسبة 0.8% في الفترة نفسها عام 2019».
والأرقام حول انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري مبدئية، لكن «روديوم جروب» رسمت على نحو صحيح الاتجاه العام والحجم الكلي للتغيرات في الانبعاثات. وقبل عام كان تقديرها الأولي قد ذكر أن انبعاثات الولايات المتحدة قفزت بنسبة 3.4%. وفي عام 2017 كان تقديرها المبدئي أن الانبعاثات انخفضت بنسبة 1% بينما بلغت النسبة النهائية للانخفاض 0.8%.
ويذكر أن «المشروع الدولي للكربون»، وهو تجمع أكاديمي يصدر أرقاماً سنوية، أصدر دراسة في الرابع من ديسمبر الماضي في المؤتمر الدولي للمناخ في مدريد، أشارت إلى أن هناك تقلصاً في الانبعاثات العالمية بسبب تقلص استخدام الفحم في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وأيضاً في الصين والهند.
*صحفي أميركي متخصص في شؤون المناخ
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»