إذا كان القارئ الأميركي، مثل كثير من «الديمقراطيين»، قلقاً من أن بيرني ساندرز واليزابيث وارين، ربما يكونان مغاليين في ليبراليتهما، أو على الأقل هما كذلك كما يبدو للبعض، وإذا كان لا يستسيغ صعود بيت بوتيجيح، ولا يطيق جو بايدن حين يتفوه بأي كلام.. فأين يجد مرشحاً مؤهلاً يستطيع الفوز، لن يكون في الثمانين من عمره أثناء تواجده في المنصب؟
لقد أصبحت السيناتور «آمي كلوبتشار»، هي الإجابة على هذا السؤال في الشهر الأخير، لقد صمدت مع تساقط أكثر من عشرة مرشحين آخرين، لتمتعها بنقطتي قوة كبيرتين، فلديها فهم قوي بكيفية شن حملة ضد الرئيس دونالد ترامب، وسجل حافل في الفوز بالناخبين المترددين، الذين من المرجح أن يحتاجهم «الديمقراطيون» هذا العام الانتخابي الحاسم، ومن المؤكد أن كلوبتشار ليست جاهزة تماماً كمرشح رئاسي، إذ إنها في غالب الأوقات تبدو كسيناتور، يتحدث عن قائمة الواجبات التشريعية، وليس رئيساً للمستقبل، يمكنه أن يلهم الناخبين.
لكنها ما زالت تبدو كواحدة من الفائزين في المناظرات، وتتمتع بتزايد مفاجئ في الاهتمام بها، فقد جمعت 11.4 مليون دولار في الربع الأخير من عام 2019، أي ضعف ما جمعته في الربع الثالث من العام ذاته، وحين سألت ديمقراطيين بارزين، بشأن المرشح الذي يتمتع بأفضل فرصة لإلحاق الهزيمة بترامب، ورد اسم كلوبتشار على ألسنتهم، ولو كان لزعماء الحزب أن يختاروا المرشحين، لربما كانت كلوبتشار مرشحهم المفضل، لذا فهي تذكرنا بسيناتور «ديمقراطي»، آخر كان يبدو بعيداً عن أن يصبح الرئيس، ألا وهو هاري ترومان، ففي صيف عام 1944 اختار كبار أفراد «الحزب الديمقراطي» ترومان، ليكون نائباً للرئيس مع اعتقادهم بأنه سيصبح الرئيس قريباً، بسبب تقهقر صحة فرانكلين روزفيلت.
لقد كان ترومان «ديمقراطياً» مخلصاً، لكن له توجهات شعبوية تستهوي كثيراً من «الجمهوريين»، سواء أكانوا أعضاء في مجلس الشيوخ أم كانوا ناخبين عاديين، وكان يتمتع بخصال شعبية وطريقة في الكلام قريبة من الناس، والتشابه بين ترومان وكلوبتشار يمتد إلى أشهر نقاط ضعف كلوبتشار، وهي حدة المزاج، وتحتاج كلوبتشار بالطبع إلى الفوز بملايين الأصوات في الانتخابات التمهيدية، وليس فقط بأصوات مئات المندوبين، لكن الطريق إلى تحقيق هذا يسير مع ما رسمته حملتها، وهو الأداء الجيد في أيوا، التي تجاور ولايتها الأم مينيسوتا، ثم أداء جيد في نيوهامبشير، لتكون من المرشحين الاثنين أو الثلاثة النهائيين.
وأفضل نقاط القوة لدى كلوبتشار، هو فهمها لكيفية إلحاق الهزيمة بـ«الجمهوريين» الذين يروقهم أن يصوروا الديمقراطيين على أنهم من النخب المعتدة بنفسها المتعالية على الأميركيين العاديين، لكن كلوبتشار شقّت طريقها السياسي، جامعةً في شخصيتها بين الطبقتين العاملة والوسطى، فقد نشأت في أسرة عانت من مشكلات إدمان الكحول والطلاق، وتحدثت هي عن ذلك، وعاش زوجها جون بيسلر، حين كان طفلاً، مع أبويه وأشقائه الخمسة في منزل متحرك. لكنها عاشت معظم حياتها في مدينتي مينابوليس وسانت بول في مينيسوتا، ودرست في جامعة يال وكلية الحقوق في جامعة شيكاجو، ورغم هذا، تعرف كيف تقنع الناخبين الذين ليسوا مثلها، وتجعلهم يشعرون بأنها تحترمهم، لقد تعلمت تفاصيل السياسة الزراعية والتنمية الريفية، وهي تزور جميع مقاطعات مينيسوتا السبع والثمانين كل عام، وإلى جانب هذه الشخصية، تقدم كلوبتشار تفسيرات قوية وواضحة عن الكيفية التي ستضر بها سياسات «الجمهوريين» بالطبقة الوسطى، وتقول: إنهم سيجعلون العقاقير العلاجية أعلى ثمناً، والحصول على التأمين الصحي أصعب، وسيفاقمون دمار المناخ، ووعدت بأنها إذا فازت بالانتخابات، ستزيد الضرائب على الأثرياء وتعزز الدخل الصافي لباقي الأميركيين، وستتصدى لانتهاكات الشركات الكبيرة ولتغير المناخ.
وربما يكون عام 2020 أصعب؛ لأن الرؤساء الذين يشغلون المنصب عادةً ما يفوزن في إعادة الانتخاب، لكن التاريخ الانتخابي لكلوبتشار قوي للغاية، لقد فازت بكل الانتخابات الثلاثة في مجلس الشيوخ، بفارق يزيد على 20 نقطة مئوية، وأعجبتني أيضاً وجهات نظر كلوبتشار حول كيفية إدارة الحملة ضد ترامب هذه المرة، فقد أوضحت عن كيف خذل ترامب البلاد، مما يبيح لأنصاره القدامى أن يغيروا مواقفهم حياله، واستخدمت روح الدعابة ضد طريقته في الكلام، وخاطبت مشاعر ووطنية الناخبين.
لا أقول: إنه يجب على «الديمقراطيين» التصويت بالضرورة لكلوبتشار، بل أقول فحسب: إن كثيراً منهم يهتمون بإلحاق الهزيمة بترامب، أكثر من أي شيء آخر، وكلوبتشار تستحق منهم التفاتة لهذا السبب.

*صحفي أميركي
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»