باعتباره واحداً من أهداف مئويتها 2071، يحظى التعليم وتطويره في دولة الإمارات العربية المتحدة بأعلى درجات الاهتمام والعناية والمتابعة من قبل القيادة الرشيدة التي توجّه باستمرار بتوفير كل ما من شأنه أن يرتقي بتجربة الدولة في هذا المجال الحيوي والمصيري في آن معاً، سواء فيما يتعلق بالمضمون المتمثل بالمناهج أو بسياسات وأساليب إدارة العملية التعليمية أو بالبيئة والوسيلة التعليمية، سواء من حيث المدارس والتقنيات التي تتضمنها، ثم المورد البشري المتمثل بالمعلم، الذي يشكل العصب الأساسي للعملية برمتها والسر الذي يعتمد عليه نجاحها.
فدولة الإمارات التي تسعى بشكل حثيث إلى اعتماد أرقى النظم والنماذج والتجارب العالمية في مجال التعليم، وتحقق تقدماً مطرداً على سلّم المؤشرات العالمية المعنية، تستهدف بالنتيجة تحقيق هدف «أفضل تعليم على مستوى العالم»، وتقوم رؤيتها المستقبلية وخطتها في هذا المجال على فكرة توفير تعليم للمستقبل، يتم من خلاله تعزيز مستوى تدريس العلوم والتكنولوجيا المتقدمة، وترسيخ القيم الأخلاقية والتوجهات الإيجابية، والتركيز على تمكين المدارس من أن تكون بيئة حاضنة في مجال ريادة الأعمال والابتكار، وتحويل المؤسسات التعليمية في الدولة إلى مراكز بحثية عالمية.
وفي إطار مساعي الدولة هذه يأتي انعقاد ملتقى الموارد المدرسية الثالث، في الفترة من 5 إلى 9 يناير الجاري، الذي تواصل وزارة التربية والتعليم تنظيمه للعام الثالث على التوالي، ووصل عدد المشاركين في فعالياته هذا العام إلى نحو 23 ألف معلم ومعلمة من مختلف التخصصات التدريسية، وعدد الدورات التدريبية التي ستنفذ خلاله إلى 1290 دورة تخصصية، وهو حدث ذو أثر عظيم، لما يحمله من نتائج إيجابية ستنعكس على مستوى أداء المعلم وقدرته على التعامل والتفاعل مع النظم التعليمية الحديثة وتطويعها وتسخيرها لخدمة الطلبة وبشكل يتجاوز الأساليب والطرق التقليدية وينتقل بها إلى نظام تعلّم وتعليم تفاعلي يحفز إمكانات الطالب ويعزز ملكات التفكير والاستكشاف والإبداع والابتكار لديه.
الملتقى الذي عقد تحت عنوان «ملهمون» يبحث، كما أوضح معالي حسين الحمادي وزير التربية والتعليم، في قضايا ومسارات تربوية مهمة، تعزز ريادة المدرسة وتأثيرها المباشر في الطالب من حيث رفده بالعلوم والمعارف، من خلال وسائل تعليمية حديثة وطرق تعليمية عصرية، وتوظيف التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في عملية التدريس، والتعرف على استراتيجيات التعليم الحديثة، بجانب الاطلاع على التجارب التعليمية الرائدة، والاهتمام بكل ما من شأنه توفير بيئة تعلم تراعي الفوارق بين الطلبة، وتعمل على إكسابهم مهارة التفكير الإبداعي.. وهو بالتالي بيئة خصبة لتبادل الأفكار والرؤى التي تسهم في تطوير العملية التعليمية والتربوية.
لقد كان تطوير التعليم وما يزال أولوية قصوى لدولة الإمارات، مما تجلى في اعتماد عدد من المبادرات، في مقدّمتها تخصيص ما يقارب 20% من حجم الإنفاق الرئيسي للحكومة لتطوير نظام التعليم، والحرص على توفير تعليم مجاني لمواطني دولة الإمارات في المدارس الحكومية حتى مرحلة التعليم العالي، وإتاحة مختلف نظم التعليم العالمية من خلال العمل بنظام المدارس العامة والخاصة، الذي يقدم أكثر من 16 منهجاً دراسياً، وغيرها من الإجراءات والخطوات التي تعزز التنوع وتثري التجربة الإماراتية وتجعل منها منتدى عالمياً مفتوحاً للوصول إلى أرقى النظم التعليمية.
وبلا شك فإن تطوير التعليم يتطلب تطوير أدواته الرئيسية، وعلى رأسها المعلم الذي يقوم بالدور الأساسي والمحوري في تنفيذ رؤى وخطط الدولة، وتقع على عاتقه المسؤولية الكبرى في عملية بناء العقول، وهو ما اهتمت به دولة الإمارات منذ وقت مبكر من خلال الإصرار على استثمار كل الجهود والأفكار التي تدعم التطوير والاستفادة من مخرجات الملتقيات والمؤتمرات والفعاليات التربوية وتفعيلها على أرض الواقع وفي الميدان التربوي، وباتت تقطف ثماره اليوم علماء وخبراء ومبدعين ومبتكرين في شتى صنوف المعرفة.
*عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.