لم تتوقف الرؤى الاستشرافية للقيادة الرشيدة في دولة الإمارات العربية المتحدة عند اعتماد استراتيجيات متوسطة أو بعيدة المدى، وإنما ذهبت إلى ما هو أبعد من ذلك، حين أعلن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، في ديسمبر الماضي، عام 2020 «عام الاستعداد للخمسين»، تزامناً مع الاستعداد للاحتفال باليوبيل الذهبي للاتحاد الذي يصادف عام 2021، والتخطيط لخمسين عاماً مقبلة تتعزز فيها المسيرة التنموية للدولة وتترسخ إنجازاتها على كافة الصعد أكثر فأكثر.
وجاء قول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله، خلال اجتماع مجلس الوزراء الأول في عام الاستعداد للخمسين، أول من أمس الاثنين، إننا «فخورون بجميع الإنجازات التي تحققت في الخمسين عاماً التي مضت.. ونجدد الثقة بحكومتنا للتحدي ورسم المستقبل في الخمسين عاماً المقبلة»، ليؤكد حجم التفاؤل والإيجابية التي تبثها القيادة الرشيدة في قلوب شعب دولة الإمارات وسكانها من المواطنين والمقيمين، حيث قال سموه: «نريد أن يكون 2020 عام التطور والتنمية ومنافسة كبرى الدول في الاقتصاد والتنافسية وجودة الحياة.. ولا نريد أن نستهدف بإنجازاتنا فئة واحدة، بل نريدها أن تتنوع لتشمل الكبار والأطفال وأصحاب الهمم، المواطنين والمقيمين، الطلاب والموظفين، رواد الأعمال والمستثمرين».
إن حجم الإنجاز الذي حققته دولة الإمارات على الصعد كافة، كالتعليم والصحة وجودة الحياة والتوطين والبنية التحتية والاقتصاد والتنافسية والفضاء، كما قال سموه، جاء بفعل العديد من العوامل والمسببات، حيث عملت حكومة دولة الإمارات، وبتوجيهات من قيادتها الحكيمة، على استشراف المستقبل من خلال الاستعداد لتغيراته ووضع خطط لمواجهة تحدياته، وفق رؤية كلها ثقة بالقدرة على إحداث فوارق نوعية في حياة الجميع، عبر إطلاق عشرات البرامج والخطط التي أسهمت في دعم وتأهيل وتدريب القوى البشرية، واستقطاب الكفاءات والمواهب من شتى بقاع الأرض، واعتماد مبادرات عدّة لتحفيز القطاعات التي تسهم في تعزيز النمو والتنمية، وتواكب ما يحمله المستقبل من تقدم تقني وتكنولوجي، تحقق الطموح بالتميز في مجالات الذكاء الاصطناعي والثورة الصناعية الرابعة وإنترنت الأشياء وما إلى ذلك.
لقد انعكست كل تلك الاستراتيجيات والمبادرات على ترسيخ المكانة العالمية لدولة الإمارات في القطاعات التي تعود بالنفع والفائدة على الدولة ومؤسساتها، وتحقق التطور المنشود والرفاه والاستقرار للجميع، حيث كان الاهتمام جلياً في الفترة المنصرمة بقطاعات في غاية الأهمية، كالفضاء والنقل والسياحة والبنية التحتية والاستثمار والتجارة والصحة والتعليم والطاقة، والعديد من القطاعات الحيوية الأخرى التي تعمل دولة الإمارات على تطويرها برؤى وإجراءات مستدامة، تعزز مسيرة الدولة نحو المستقبل بأهداف طموحة وتتقدم بخطاها نحو مرحلة جديدة من البناء والنهضة، عبر بذل المزيد من الجهود الدؤوبة، واعتماد العديد من المبادرات المبتكرة التي تحتفي بنصف قرن مضى من الإنجازات، وترسي الأسس المتينة التي تجعل دولة الإمارات الأفضل عالمياً في الخمسين عاماً المقبلة، بحسب رؤيتها الطموحة الواردة في «مئوية الإمارات 2071».
إن استشراف المستقبل والاستعداد له كانا أهم ميزة تميزت بها دولة الإمارات على المستويين الإقليمي والعالمي في شتى القطاعات والمجالات، انطلاقاً من إدراك أن الدول لا تنمو ولا تنهض ولا تحقق مكانة مرموقة لها إلا من خلال ذلك، فالاستعداد للمستقبل عبر خطط تنموية مستدامة، هو الوسيلة الأكثر نجاحاً في تحقيق الريادة وتعزيز رفاه الشعوب وازدهارها، والمضي قُدماً نحو مزيد من الاستقرار والأمان.
عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية