دخلت علينا سنة جديدة وودعنا سنة من أكثر السنوات المليئة بالمفاجآت والمستجدات على مستوى النظام الدولي، فشهدنا احتجاجات عارمة وأعمال عنف وشغب في بوليفيا عدة دول من أميركا اللاتينية، لكنها انتهت في بوليفيا بإطاحة الرئيس إيفو موراليس بعد أن تخلى عنه الجيش. وتواصلت الاحتجاجات في العراق ومعها دوامة العنف الذي تغرق فيه البلاد منذ مطلع أكتوبر الماضي، والذي راح ضحيته المئات من العراقيين. كما قوبل تلويح الرئيس العراقي برهم صالح في أواخر السنة التي ودعناها بالاستقالة بانقسام بين المحتجين وفي الشارع العراقي، فقد اتهمه البعض بـ«خرق الدستور»، بينما اعتبر آخرون أن ما قام به «فعل وطني». والساسة أيضاً منقسمون، حيث إن تحالف الأحزاب الشيعية في البرلمان دعا إلى «اتخاذ الإجراءات القانونية بحق رئيس الجمهورية لحنثه باليمين وخرقه للدستور»، في الوقت الذي دعت فيه قائمة «النصر» التي يتزعمها رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، برهم صالح إلى التراجع عن الاستقالة.
وبدوره فقد عرف لبنان احتجاجات شعبية واسعة بسبب البطالة وغلاء المعيشة وفقدان الثقة في الأحزاب الحاكمة، مما أدى إلى استقالة رئيس الوزراء سعد الحريري ودخول البلد في غيابات لم يعرف كيف سيخرج منها خاصة في الظروف الإقليمية الحالية.
وتتبّعنا معضلة بريكست التي حيّرت البريطانيين قبل الأوروبيين، حيث تأجل تنفيذ البريكست ثلاث مرات وأدى إلى أزمة سياسية استمرت ثلاثة أعوام ونصف العام شهدت خلالها انتخابات تشريعية مرتين. وبعد الحصول على موافقة ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية، لن يبقى سوى إقراره في البرلمان الأوروبي، لتتمكن المملكة المتحدة من مغادرة الاتحاد في 31 يناير الجاري، بعد 47 عاماً من حياة بريطانية أوروبية مشتركة.
وتسببت موجات الحر الحارقة في أستراليا في تأجيج حرائق الغابات التي اجتاحت أنحاء من البلاد، حيث تصاعدت ألسنة اللهب الخارجة عن السيطرة وسط ظروف «كارثية». ومع اندلاع الحرائق في الشمال والجنوب والغرب على بعد نحو 130 كيلومتراً من المدينة الأكبر في أستراليا، غرقت سيدني في الدخان السام. وقد اجتاحت الحرائق حتى الآن ما لا يقل عن ثلاثة ملايين هكتار (7,4 مليون فدان) من الأراضي، وهي مساحة تعادل مساحة بلجيكا. ناهيك عن مقتل البشر وتدمير المنازل وضياع الملايين من الأصناف الحيوانية.
وبعد سنة كاملة اتسمت بالكوارث المناخية ودعوات ملايين من الشبان الذين نزلوا إلى الشوارع تأييداً للناشطة السويدية الشابة غريتا ثونبرغ، والتقارير العلمية المحذِّرة، تعرّض موقعو اتفاق باريس للمناخ لضغوط غير مسبوقة خلال مؤتمر الأطراف الذي ترأسته تشيلي، لكنه نقل إلى مدريد بسبب الأزمة التشيلية.. ثم بعد أسبوعين من المفاوضات الشاقة، فشلت قمة الأمم المتحدة بمدريد في التوصل إلى اتفاق حول قواعد أسواق الكربون الدولية، وهو الشق الأخير في الدليل الإرشادي التابع لاتفاقية باريس للمناخ المبرمة عام 2015. وعبّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس عن «خيبة أمله» إزاء نتائج قمة المناخ الدولية، ووصفها بأنها فرصة ضائعة لمعالجة أزمة الاحتباس الحراري. وهذا الفشل كان منتظراً بعد قرار الرئيس الأميركي الانسحاب من الاتفاقية الدولية للمناخ.
وشهدت سنة 2019 التحقيقات الهادفة لعزل الرئيس ترامب، إذ قرر مجلس النواب الأميركي إحالة الرئيس على المحاكمة أمام مجلس الشيوخ بتهمتي استغلال السلطة وعرقلة عمل الكونغرس، ليكون بذلك رابع رئيس في تاريخ الولايات المتحدة يواجه الشروع في إجراءات رسمية تهدف إلى عزله، وهم أندرو جونسون وبيل كلينتون وريتشارد نيكسون، وإن كان هذا الأخير قد استقال دون انتظار الإجراء.


*أكاديمي مغربي