اليابان هي أرض «القطارات فائقة السرعة» أو «القطارات الطلقة» التي تبلغ سرعتها 200 ميل في الساعة وخطوط السكك الحديدية المخصخصة التي تربح الآن دخلاً صافياً يقدر بمليارات الدولارات سنوياً، وليس الأرباح التشغيلية فقط. ومن ناحية أخرى، يُنظر إلى قطارات الركاب في الولايات المتحدة باعتبارها خيبة أمل دائمة، حيث تتخلف سرعة القطارات وعدد الركاب كثيراً عن اليابان وأوروبا الغربية والصين الآن. وبينما كان الكونجرس يأمل أن يؤدي إنشاء شركة «أمتراك» إلى «تنشيط خدمة النقل عبر السكك الحديدية، على أمل أن يصبح تقديم هذه الخدمة بطول محاور بعينها مشروعاً تجارياً مربحاً»، تطلب الشركة إعانات تشغيل فيدرالية كل عام، منذ تأسيسها.
ومع ذلك، كان «يوهانس لودفيج»، المدير التنفيذي لمجتمع شركات السكك الحديدية والبنية التحتية الأوروبية، يخص نظام الشحن عبر السكك الحديدية في الولايات المتحدة، والذي يقال إنه الأفضل والأكثر كفاءة في العالم. في عام 2017، نقلت السكك الحديدية الأميركية أطنان شحن أكثر من عام 1981 بنسبة 81%، بينما تراجع متوسط أسعار الشحن بنسبة 46% بالأسعار المعدلة حسب التضخم. وتحمل القطارات في الولايات المتحدة الآن قدراً كبيراً من الشحن (يقاس بأطنان الأميال أو الأطنان من الكيلومترات) بقدر ما تحمل الشاحنات، وهذا بالتأكيد ليس هو الحال في اليابان أو غيرها من الاقتصادات الكبرى في العالم.
جزء من مميزات الشحن هذه في الولايات المتحدة متعلق بالجغرافيا. فمزايا تكلفة الشحن عبر السكك الحديدية، مقارنة بالشاحنات، تزيد بشكل عام مع ازدياد المسافة المقطوعة. ويفخر الشحن عبر السكك الحديدية بأنه يمتلك حصة سوقية أعلى في أستراليا وروسيا وحصة مماثلة في كندا. هذا المسار التصاعدي لقطاع الشحن عبر السكك الحديدية في الولايات المتحدة منذ عام 1980 يعتبر ملحوظاً، وكذلك الأرباح الناتجة عنه.
ويستثني هذا القطاع شبكات السكك الحديدية للرحلات اليومية والحضرية، وكلها مدعومة من قبل دافعي الضرائب، ويتضمن 234 مليون دولار دفعتها الولايات لشركة أمتراك لدعم عمليات السكك الحديدية في السنة المالية 2018 كإيرادات لشركة أمتراك. ومرة أخرى، فإنه غفل السكك الحديدية الوطنية الكندية والسكك الحديدية في منطقة المحيط الهادئ، والتي لديها عمليات كبيرة في الولايات المتحدة، حيث حققتا معاً للولايات المتحدة إيرادات بقيمة 4.7 مليار دولار من إجمالي إيرادات عام 2018 والتي بلغت 16.9 مليار دولار.
هذا ليس حساباً كاملاً لماليات نظام السكك الحديدية الأميركية. ومع ذلك، «لقد تم تأسيس شركة أمتراك في المقام الأول لتوفير تكاليف الشحن عبر السكك الحديدية»، كما يقول «لويس إس طومسون»، مستشار مخضرم في قطاع السكك الحديدية، والذي كان ضمن فريق وزارة النقل الذي صمم شركة أمتراك في عام 1970. وبهذا المعيار، فإن هذا يبدو بالتأكيد نجاحاً.
كانت «أمتراك» أقل نجاحاً كوسيلة فعلية للنقل. ويقال إن السكك الحديدية نقلت 32.5 مليون مسافر في السنة المالية المنتهية في شهر سبتمبر، أي تقريباً ضعف العدد الذي نقلته في عامها الأول من التشغيل الكامل في 1972. ولكن مع إضافة عدد الركاب عبر قطارات الأنفاق وقطارات الركاب، يكون نصيب السكك الحديدية من إجمالي المسافات التي يقطعها المسافرون في الولايات المتحدة لا يزال صغيراً.
بالنسبة لليابان والدول الأوروبية، لا تميل مثل هذه الإحصاءات إلى تضمين السفر الجوي لأن جزءاً صغيراً منه يكون محلياً. أما نصيب السكك الحديدية من مسافات النقل البري فتمثل 32.8% في اليابان، و10.8% في فرنسا، و8.0% في المملكة المتحدة، و8.7% في ألمانيا، و7.9% في الاتحاد الأوروبي ككل، مقارنة بـ 0.7% في الولايات المتحدة.
ومع ذلك، فإن حصة السكك الحديدية السوقية في نقل البضائع هي أعلى بكثير في الولايات المتحدة عنها في معظم البلدان الأخرى. ونفس الامتدادات الشاسعة التي تجعل الولايات المتحدة مكاناً عظيماً لقطارات الشحن ليست كبيرة للغاية بالنسبة لسفر الركاب. وأنجح خدمات السكك الحديدية للركاب في جميع أنحاء العالم تربط بشكل عام المدن الكبرى التي تبعد عن بعضها البعض بنحو 500 كم أو 311 ميلاً. والكثير من المدن التي يريد الأميركيون السفر بينها متباعدة كثيراً عن ذلك.
جوستين فوكس: كاتب أميركي