بالنسبة لأي شخص يتطلع إلى منع الرئيس السوري بشار الأسد من الحصول على نصر نهائي في الحرب الأهلية التي بدأت في عام 2011، كان الأمر مثبطا للهمة لبضعة أشهر، فقد أمر الرئيس دونالد ترامب فجأة بالانسحاب الكامل للقوات الأميركية من شمال سوريا في شهر أكتوبر الماضي، وبعد ذلك أعطى تركيا الضوء الأخضر لاحتلال الأرض. وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة أرسلت قوات مرة أخرى لحراسة حقول النفط السورية بعد ذلك بأيام قليلة، فإن إعلان الرئيس بإنهاء «حرب لا تنتهي» في سوريا كان بمثابة نعمة للنظام السوري وحلفائه.
والآن، هناك بعض الأخبار الجيدة. فالعقوبات الجديدة المفروضة على النظام السوري وعلى داعميه، ستصبح قانوناً في إطار قانون تفويض الدفاع الوطني لعام 2020. ويعد هذا انتصاراً لائتلاف من نشطاء حقوق الإنسان، والأميركيين السوريين وأعضاء الكونجرس من كلا الحزبين الذين دفعوا من أجل فرض هذه العقوبات لسنوات.
والمادة الخاصة بالعقوبات، والمعروفة مبدئياً باسم «قانون قيصر لحماية المدنيين في سوريا»، سُميت على اسم منشق سوري قام بتهريب آلاف الصور خارج البلاد في عام 2013، ليكشف عمليات القتل الجماعي والتعذيب والجرائم الأخرى التي وقعت في سوريا. وكان اسمه الحركي هو «قيصر». (ويكشف الملف الشخصي الذي نشرته صحيفة نيويوركر عام 2016 بالتفصيل كيف قام بهذا، مستخدماً محركات أقراص خبأها في جوربه.) والصور بمثابة دليل على انتهاكات صارخة تبعث على الغثيان في سجون النظام السوري ومستشفياته.
كان الأمر سيستغرق عاماً لكي يروي قيصر قصته أمام الكونجرس، وعندما كان يفعل ذلك، كان يتعين عليه أن يكون متنكراً. وقد حفزت شهادته التي أدلى بها في عام 2014 أمام لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب عددا من المشرعين من كلا الحزبين لاتخاذ إجراء، ما أدى في نهاية الأمر إلى ما يسمى بمشروع «قانون قيصر».
وتنطوي المادة على عنصرين رئيسيين. فهي ستفرض عقوبات مالية على الزعماء والمنظمات السورية وأي أفراد أو كيانات روسية أو إيرانية كانت قد شاركت في معاملات كبيرة مع النظام السوري.
ومن شأن مشروع القانون أيضاً أن يعاقب النظام ومؤيديه الأجانب الذين يشاركون في إعادة البناء في المناطق التي يسيطر عليها. وفي ضوء الانتهاكات التي وقعت في سوريا، قد يعتقد المرء أنه كان من السهل أن يصبح مشروع «قانون قيصر» قانوناً، بيد أن الأمر استغرق خمس سنوات. في البداية، كانت إدارة أوباما متوترة من أن فرض عقوبات على كيانات وأفراد إيرانيين وروس سيزيد من صعوبة التفاوض على وقف إطلاق النار والتوصل إلى حل سياسي للنزاع. وفي الآونة الأخيرة، كان العقبة هو السيناتور «راند بول» من كنتاكي، وهو «جمهوري» ليبرالي يعارض السياسة الخارجية التي تدعم التدخل في شؤون دولة أخرى.
ومن المفارقات أن مشروع «قانون قيصر» حصل على الزخم الذي يحتاجه في شهر أكتوبر – بعد أن أعلن ترامب عن الانسحاب من سوريا الذي تراجع عنه لاحقاً. وقد دفع ذلك زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ «ميتش ماكونيل» إلى إعلان تأييده لمشروع القانون. وقد عمل مكتبه في وقت لاحق للتأكد من أن التشريع قد أدرِجَ في قانون «تفويض الدفاع الوطني».
وفي يوم الثلاثاء الماضي، تم إقرار هذا التشريع في مجلس «الشيوخ»، بعد إقراره الأسبوع الماضي في مجلس النواب. و قد وقع ترامب عليه ليصبح قانوناً. لقد فات الأوان لوقف الأعمال الوحشية التي وثّقها «قيصر»، ولم يعد التدخل العسكري خياراً قابلاً للتطبيق من الناحية السياسية. ولكن على الأقل سيخطر القانون النظام السوري بجرائمه. وكما أخبرني عضو مجلس النواب آدم كينزينجر (جمهوري – ولاية إلينوي): «يمكننا استخدام قوة الاقتصاد الأميركي لمحاسبة النظام».
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»