بعد ستة أيام ستجري الانتخابات التمهيدية في حزب «ليكود» لانتخاب رئيس للحزب، وفيها يواجه بنيامين نتنياهو منافساً وحيداً هو جدعون ساعر. ويأتي هذا التطور، كما هو معلوم، في إطار النسخة الثالثة من الانتخابات الإسرائيلية المبكرة خلال فترة عام واحد، والتي تقرر موعدها في مارس 2020 بعد أن فشلت الجولتان السابقتان في إفراز أغلبية كافية تؤدي إلى تشكيل حكومة. وكانت الانتخابات الأولى قد جرت في أبريل والثانية في سبتمبر 2019.
لقد مُنح نتنياهو، من رئيس الدولة الإسرائيلية، فرصة تشكيل الحكومة بعد ظهور نتائج جولة سبتمبر، لكنه فشل في إقامة حكومة يمين بسبب رفض أفيجدور ليبرمان (بالمقاعد الثمانية لحزبه) الانضمام إليه، وبالتالي عجز نتنياهو عن تشكيل الحكومة برصيد معسكر الأحزاب اليمينية والحريدية الدينية التي تؤيده، والتي شكلت معه كتلة مكونة من 55 مقعداً من مجموع مقاعد الكنيست البالغ عددها 120.
كذلك لم ينجح بيني جانتس، زعيم تحالف «أزرق أبيض»، في تشكيل حكومة وحدة وطنية تضم «ليكود»، ولا في تشكيل حكومة ضيقة تضم تحالف «حزب العمل» -«جيشر» وتحالف «المعسكر الديمقراطي» وتستند إلى تأييد القائمة العربية بمجموع 54 مقعداً، بعد أن امتنع ثلاثة أعضاء كنيست عرب عن تأييده، وجاء الفشل لأن ليبرمان رفض تأييد مثل هذه الحكومة، وصمم على إقامة حكومة وحدة وطنية تضم «ليكود» و«أزرق أبيض».
أما سبب فشل مفاوضات «ليكود» و«أزرق أبيض» فيرجع إلى أن نتنياهو صمم على أمرين: الأول أن يتولى رئاسة الحكومة خلال العامين الأولين من عمر الحكومة، وأن يدخل الحكومة مع «أزرق أبيض» ليس فقط برصيد حزب «ليكود» من المقاعد، ولكن أيضاً برصيد كتلة اليمين ككل، هذا في حين خيّره جانتس بين أحد الأمرين، فصمم عليهما معاً.
أخيراً، وبعد تحديد موعد انتخابات الثاني من مارس، أعلن جانتس أنه حاول بكل الطرق في المفاوضات مع نتنياهو التوصل إلى حكومة وحدة وطنية، وأنه وافق على أن يتولى نتنياهو رئاسة حكومة الوحدة خلال العامين الأولين من عمرها، على أن يلتزم بالتخلي عن المنصب مؤقتاً إذا بدأت محاكمته على الاتهامات الموجهة إليه.. غير أن نتنياهو رفض أن يعلن هذا الالتزام بصوته للجماهير. ويوضح زعماء «أزرق أبيض» أنهم خشوا من تمسك نتنياهو بالبقاء في المنصب إذا تولاه أولاً، إذا بدأت محاكمته، ليضمن لنفسه الحصانة. وفي هذا قال يائير لابيد زعيم «حزب هناك مستقبل» المتحالف مع جانتس، إن سبب دخول إسرائيل إلى جولة انتخابات جديدة هو الرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة، مشيراً بذلك إلى تصميم نتنياهو على نيل الحصانة بشغل منصب رئيس الوزراء أولاً والتمسك به أثناء المحاكمة.
لقد حاول كل من معسكر نتنياهو ومعسكر جانتس أن يلقي على الآخر مسؤولية الفشل ليتجنب سخط الجماهير، وكان المشهد بعد الجولتين السابقتين هو التعادل بين المعسكرين ووقوف ليبرمان محايداً بين الطرفين.
والسؤال الرئيسي الآن هو: هل ستغير الجولة الثالثة هذا المشهد؟ في تقديري أن الوقت لا يزال مبكراً على تقديم إجابة حاسمة حول هذا السؤال، رغم أن استطلاعات الرأي الأخيرة تشير إلى تقدم تحالف «أزرق أبيض» على «ليكود» بمقعد أو مقعدين، وهذا ليس مؤشراً حاسماً.
*أستاذ الدراسات العبرية -جامعة عين شمس