روى الصحفي والباحث المخضرم، «لي سميث»، في كتابه: The Plot Against The President (المؤامرة ضد الرئيس)، قصصاً من عضو الكونجرس «ديفين نونيز»، والتي كشف فيها عن حقائق كثيرة، وراء المؤامرات المتتالية ضد الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، والتي اعتبرها أدواتٍ لإسقاطه، وما يحدث ضد الرئيس، حسب سميث، منذ لحظة فوزه بالانتخابات إلى التحقيق في عزله الآن، يعد انقلاباً.
لقد وضح الكاتب، أن خطورة هذا الانقلاب لا يكمن فقط باحتمال عزل الرئيس، بل استمرار هذه المؤامرات ضده، تعني لأول مرة تجاوز الأنظمة والقوانين الأميركية، أو تجاهلها، أو إساءة استخدامها إلى درجة تعرضها للخطر، فـ«الديموقراطيون» والناشطون السياسيون، ومسؤولو المخابرات الأميركية، ووسائل الإعلام، يفرضون روايات مصطنعة على الشعب الأميركي للتخلص من الرئيس، فقد وصل الأمر لدرجة أن مسؤولي الاستخبارات انتهكوا القانون، بتسريب أسرارهم إلى وسائل الإعلام.
كما أشار الكاتب، أن فريق الاتصالات لدى هيلاري كلينتون قرر، في غضون أربع وعشرين ساعة، بعد فوز ترامب بالرئاسة، أن يقدم رسالة مفادها أن الانتخابات كانت غير شرعية، وأن روسيا قد تدخلت لمساعدة ترامب.
وأضاف الكاتب، أن الرئيس السابق باراك أوباما، كان يعمل ضد ترامب، حتى الساعة الأخيرة التي ترك فيها منصبه، ففي الأيام الأخيرة لإدارة أوباما، نشرت المعلومات الاستخباراتية في جميع أنحاء الحكومة، بما في ذلك البيت الأبيض، وكابيتول هيل، ومجتمع الاستخبارات، فقد كانت تسريبات المعلومات الاستخباراتية على أدنى المستويات الممكنة، لضمان القراء على نطاق واسع، وكان البيت الأبيض يمهد الطريق لحملة من التسريبات، لإحباط فريق ترامب القادم.
وفي 9 ديسمبر 2017، صرّحت وكالة الاستخبارات المركزية، أن روسيا تدخلت في انتخابات عام 2016 لمساعدة دونالد ترامب في الفوز بالرئاسة، وذلك لتقويض الثقة في النظام الانتخابي الأميركي، في اليوم نفسه، نشرت صحيفة نيويورك تايمز، مقالة عن التصريح، كتبها ديفيد إي سانجر وسكوت شاين.
وقد شرح الكتاب، أن وسائل الإعلام الأميركية لم تعد حرة، كما أرادها المؤسسون الأوائل، والانفجار الحقيقي حدث في 10 يناير 2017، فلم يحدث من قبل أن الإعلام الحر يضحي باستقلاله وهيبته، بوضع حقوقه وامتيازاته في خدمة عمليات استخباراتية مصممة لاستهداف فصيل نيابة عن الآخر، لكن هذا ما فعلته وسائل الإعلام الأميركية عام 2017، فقد أصبح الإعلاميون نشطاء سياسيين.
فمنذ أن تمركز الإعلام في واشنطن، وصل تسييسه لدرجة صعب تخيلها، فدونالد ترامب لم يكن بالشخصية المغمورة، وقد كانت هناك مئات المراسلين والمحررين في نيويورك، الذين قاموا منذ سبعينيات القرن الماضي، بنشر الآلاف من القصص عنه - قطب العقارات الصاخب، والمشهور في التابلويد، نجم التلفاز- الذي فجأة بعدما قرر نزول الانتخابات أصبح، من وجهة نظر منتقديه، «جاسوساً لروسيا»، و«عنصرياً وكارهاً للنساء».
إن البيئة السياسية المتشرذمة في واشنطن انعكست إعلامياً، فهي على حد تعبير الكاتب، أنها ليست فقط بيئة سياسية، بل بيئة مبنية على المصالح بسذاجة، إنها مدينة لديها نصف مليون رئيس لمجالس الطلبة، وهم على استعداد لتبني أي رأي يعزز حياتهم المهنية.
فكما جاء في الكتاب، أن هناك جهداً متضافراً من جانب حزب سياسي واحد، بالإضافة إلى بيروقراطية واشنطن، ووسائل إعلام مسيسة، هدفها الهيمنة على فكر وتوجه الشعب الأميركي، وبالتالي الولايات المتحدة الأميركية، قد اقتربت أن تصبح دولة أمنية من العالم الثالث، ذات حزب واحد.
وبهذا يتضح لنا، أن السياسة الأميركية حتى على الصعيد الداخلي، قد اختلفت ولم تعد كالمعتاد، فكيف سيكون تعامل دول المنطقة، وتحديداً دول الخليج، مع هذا الوضع السياسي المهترئ؟

*باحثة سعودية في الإعلام السياسي