تواصل دولة الإمارات العربية المتحدة، جهودها في تعزيز إمكانات المواطنين وترسيخ إسهاماتهم في قيادة عجلة النمو والتنمية، من خلال مضاعفة عدد العاملين منهم في القطاع الخاص إلى 10 أضعاف الرقم الحالي بحلول عام 2021، وبما يسدّ الفجوة الهيكلية في سوق العمل المحلي، نظراً إلى تمركز أغلبهم في القطاع الحكومي، وهو ما حفّز الحكومة الاتحادية على إطلاق مبادرة التوطين، لزيادة فرص وظيفية لهم، وتوفير ما يلزم من برامج الإرشاد والتدريب والتطوير والإرشاد، وتشجيعهم على الالتحاق بالعمل، إضافة إلى ما تكلل من إنجاز في سبتمبر الماضي، باعتماد مجلس الوزراء، برئاسة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، حزمة من 10 قرارات استراتيجية لدعم ملف التوطين، ترجمة للرسالة الثالثة ضمن «رسائل الموسم الجديد»، التي وجّهها سموه للدفع بمسيرة الإنجاز في الدولة في القطاعات كافة.
وفي سابقة مبتكرة، وخلال الاجتماعات السنوية لحكومة دولة الإمارات 2019، أطلق سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة، «بنك الإمارات للوظائف»، كمنصة حكومية إلكترونية، تتيح الفرصة للمواطنين، التقدم بشكل مباشر للوظائف التي تعرضها المنشآت في القطاعين العام والخاص، ضمن مجموعة المهن المستهدفة التي جاءت في إطار تنفيذ قرار مجلس الوزراء القاضي بإلزام المنشآت الحكومية والخاصة كافة، منح أولوية التعيين للمواطنين في 160 مهنة، وضمن حزمة القرارات الجديدة لدعم ملف التوطين، التي تمنح المواطنين أولوية التعيين في وظائف المهن المستهدفة، حيث يتم إلزام هذه الجهات بإعلان الوظائف التي تطلب التعيين فيها على موقع «aejob.ae»، والسير في إجراءات المقابلات والتعيينات، وفقاً لقواعد تم تحديدها بوضوح.
إن إنشاء مثل هذه المنصة يؤكد العديد من المؤشرات، الأول يتعلق بقدرة دولة الإمارات على مواكبة التطورات الجارية عالمياً، في مجالات التكنولوجيا ومجاراة التقدم الحاصل في التقنيات الحديثة، حيث لم يعد التقدم إلى الوظائف تقليدياً كما كان، بل تطورت آلياته وأصبحت أكثر حداثة وذكاءً. أما ثاني المؤشرات فيشير إلى عدم تراخي السياسات الحكومية في تحقيق مستهدفات التوطين، وهي التي تتواءم مع ما قاله صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله، في وقت سابق، من أن «التوطين أولوية اقتصادية واجتماعية وأمنية، وهذه حقيقة لابد أن يستوعبها الجميع». فيما يشير المؤشر الثالث من تأسيس «بنك الإمارات للوظائف»، إلى أن استخدام المنصات الإلكترونية المفتوحة أمام الجميع، يعزز مبادئ الشفافية والحوكمة والدقة، في ملف تراه الدولة في غاية الأهمية، كملف التوطين.
إن القرارات العشرة التي اتخذها مجلس الوزراء في سبتمبر الماضي لدعم ملف التوطين، جاءت لتشمل الوزارات والجهات الاتحادية، والشركات الحكومية وشبه الحكومية الاتحادية والمحلية، وجميع القطاعات الاقتصادية، حيث حددت تلك القرارات أنظمة وآليات لتحقيق مستهدفات جديدة لزيادة نسب التوطين في قطاعات استراتيجية، كالطيران المدني والاتصالات والبنوك والتأمين والتطوير العقاري، بهدف خلق نحو 20 ألف فرصة وظيفية للمواطنين خلال 3 سنوات، بمتوسط نحو 6700 وظيفة سنوياً، ضمن خطة مدروسة تكفل توجيه الخبرات المواطنة في القطاعات ذات الصلة، وفقاً لاحتياجات تلك القطاعات. لكن، وعلى الرغم من تكثيف الاهتمام بالتوطين في إمارات الدولة كافة، فإن هذا الاهتمام لا يتنافى أبداً مع سياسات واستراتيجيات الدولة في جذب المواهب والمبدعين من شتى أنحاء العالم، فدولة الإمارات تدرك أهمية الانفتاح على كل ما هو استثنائي وإبداعي من أفكار وأشخاص، لكونها تعزز نمو الاقتصاد، وتسهم في تحقيق أهداف التنمية الشاملة والمستدامة، وترسخ الاقتصاد الوطني القائم على التنوع والابتكار، وتستقطب المزيد من الأعمال والاستثمارات للدولة، لتصبح بذلك عاصمة عالمية في هذه الأنشطة والمجالات.

عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.