ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان يصل لدولة الإمارات العربية المتحدة وكان على رأس مستقبليه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي، وكان الاستقبال استثنائياً يليق بالضيف والمضيف.
تم الإعلان عن عدد من المبادرات ومذكرات التفاهم بين البلدين في الاجتماع السنوي الثاني للمجلس التنسيقي السعودي الإماراتي، وكان الوفد السعودي كبيراً بالأمراء والوزراء المرافقين للأمير محمد، وكان نظراؤهم الإماراتيون على المستوى نفسه، ما يوضح بجلاء أن التحالف المظفر بين البلدين عميق ووثيق ومتشعب ومستمر في الماضي والحاضر والمستقبل.
بعيداً عن الأحاديث الرسمية، واستحضار التاريخ، وتعداد الأرقام، فثمة روحٌ أخويةٌ سادت الزيارة والمحبة بين الشعبين الشقيقين في السعودية والإمارات وبين وليي العهد بن سلمان وبن زايد لا تخطئها العين ولا يغفل عنها القلب، وسياسياً قاد ويقود هذان المحمدان العالم العربي وبناء مستقبله ومواجهة خصومه في المنطقة والعالم.
أرقام الاقتصاديين لا تكذب، والتحالف بين البلدين يتصاعد بوتيرة سريعةٍ جداً ويتضاعف عاماً بعد عامٍ، ولا يُنجح التحالفات السياسية والعسكرية مثل أن تكون مبنيةً على المصالح، السعودية دولة عضو في مجموعة العشرين التي تضم أكبر عشرين اقتصاداً في العالم، وهي التي ترأس هذه الدورة، وقد أعلنت في هذه الزيارة عن استضافة دولة الإمارات كضيف شرفٍ في القمة القادمة.
لو اتحد الاقتصادان السعودي والإماراتي سيصبحان معاً في المرتبة العاشرة بين اقتصادات العالم الكبرى، وهو بالتأكيد ما تسعى له القيادتان، وهما تحرقان المراحل في هذا الاتجاه.
دعم استقرار الدول في المنطقة والعالم، ومحاربة الإرهاب والأصولية من جذورهما، ونشر الأمن والأمان، والرهان على التنمية وبناء الإنسان، والتركيز على صناعة المستقبل، كلها علامات بارزة تجمع الدولتين وتؤطر أدوارهما الإقليمية والدولية وتعزز مكانتهما.
منذ بروز ملامح التحالف القوي بين الدولتين منذ ما يقارب العقدين من الزمان وحملات الإرجاف لا تتوقف لإحداث وقيعة بينهما، يقودها خصوم الدولتين الإقليميين من المشروع الطائفي إلى المشروع الأصولي، وتقف خلف هذه الحملات المنظمة دولٌ وجماعاتٌ وتنظيماتٌ سعت بقضها وقضيضها لدق إسفينٍ في هذه العلاقات المميزة بين البلدين ورجعت كلها خائبةً منكسرةً بوعي القيادتين والتحام الشعبين واشتباك المصالح واتحاد الرؤية والغاية.
حدثان بارزان يمكن استحضارهما في هذه الحملات المرجفة المنظمة، الأول، حين وفاة الملك عبدالله وتقلد الملك سلمان مقاليد السلطة في السعودية حيث انتشر الحديث عن أن هذا التكامل السعودي الإماراتي «سينتهي» وأن «قوانين اللعبة تغيرت» كما عبّر أحدهم، وعلى العكس تماماً فقد وصل التحالف والتكامل إلى مستوياتٍ تاريخيةٍ غير مسبوقة في تاريخ البلدين.
الحدث الثاني هو أحداث عدن التي راهن خصوم البلدين على أنها ستنجح في إحداث شرخٍ في العلاقات وركب معهم بعض المتعجلين من داخل البلدين حماسةً وجهلاً، وحدث العكس تماماً حيث تمّ إنجاز اتفاق الرياض التاريخي تجاه اليمن لتسير الدولة اليمنية نحو استعادة الدولة وهزيمة ميليشيات «الحوثي»، وبتراضٍ كبيرٍ بين الشرعية والمجلس الانتقالي.
توقيت الزيارة واستثنائيتها يوجه رسالة صارخةً للشعبين الشقيقين بمستقبل أجمل وأزهى وللخصوم والأعداء بمزيد من الهزائم والضعف على الرغم من كل ما يتم ترويجه من إشاعاتٍ لم يثبت شيءٌ منها بعد.
إن نجاحات هذا التحالف المظفر بين البلدين منتشرة من الخليج إلى المحيط في الدول العربية، والأدوار السياسية الكبرى في المنطقة كذلك، ومنها المصالحة التاريخية بين إثيوبيا وأريتريا وغيرها الكثير.
أخيراً، إن المعلن من نجاحات القيادتين في البلدين لا يمثل سوى رأس جبل الجليد من الأدوار والإنجازات التي سيحفظها التاريخ للأجيال القادمة مشاعل نورٍ ومنارات نجاحٍ.