تحل يوم غد الموافق الثاني من ديسمبر ذكرى اليوم الوطني الـ48 لدولة الإمارات العربية المتحدة. ومع تجدد هذه المناسبة يزداد فخر أبناء الإمارات بما تحقق في بلاد الاتحاد، بفضل الإنجاز العظيم الذي أرساه القائد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه.
لا شك أن عظمة الإنجاز الاتحادي الإماراتي تتجلى في المكتسبات التي تحققت، وفي مقدمتها تعزيز الهوية الوطنية وتحصينها بالولاء الوطني وبناء المؤسسات الاتحادية الحديثة. ومع تبلور البنيان المؤسسي والانطلاق في مسارات التنمية، توالت الإنجازات في كافة قطاعات التنمية، واكتسب الاتحاد حصانة وقوة ذاتية، بعد أن ارتبط مصير أبناء الإمارات ومستقبلهم بقوة ورسوخ اتحادهم. لذلك يبذل الجميع التضحيات كما فعل الآباء المؤسسون لنهضة الإمارات التي تستحق منا الوفاء والعطاء.
ويمثل الاحتفال باليوم الوطني فرصة لاسترجاع الجهود التي صنعت حاضر الإمارات المزدهر، لأن ما تحقق في مختلف المجالات كان قبل عقود من الآن في خانة المستحيل، لكن الإصرار على الإنجاز والإخلاص في التنفيذ أديا إلى تذليل الصعاب وتسهيل الوصول إلى تحقيق أرقام قياسية تنافسية على المستوى العالمي.
إن ما تحقق حتى الآن في الإمارات يوفر قاعدة صلبة لانطلاقة جديدة في التنمية المستدامة وفتح آفاق للاستثمار استناداً إلى البنية التحتية المتطورة. ويمكن القول إن البذل بسخاء في قطاع البنية التحتية كان استثماراً مبكراً يضع في الاعتبار متطلبات المستقبل. ومع التطور والنهوض المشهود والانتقال إلى مستويات تنموية جديدة، يزداد الطموح ويرتفع سقف الأهداف وما يترتب على ذلك من استعداد وجهوزية. لذلك قد لا يستوعب البعض سر اهتمام الإمارات بتنمية مشروعات الابتكار وأبحاث الفضاء، لأن علينا التفكير باستمرار في التحديات التي يفرضها المستقبل.
لقد كان للروح الاتحادية في الإمارات تأثير قوي، لأن الطاقات اجتمعت والهوية الوطنية الاتحادية خَلَقت الشعور بالفخر والاستعداد لبذل المزيد من الجهود. وكل ما تحقق على صعيد التنمية وبناء قدرات الإنسان الإماراتي والتفكير الدائم في سعادة أجياله القادمة، كان يستند إلى حكمة القيادة وإلى الروح الأبوية التي تنظر إلى أبناء الإمارات انطلاقاً من مبدأ وحدة هموم وتطلعات الأسرة الإماراتية التي تجسد شعار «البيت متوحد».
وعندما نسترجع المحطات التي أسهمت في صياغة حاضر الإمارات، نتذكر كيف كان الأجداد يترقبون اليوم الذي يلتئم فيه الاتحاد من أجل إعلان ميلاد الكيان الإماراتي الحديث، وهو ما تم بالفعل، فجسَّد الاتحاد طموح الآباء والأجداد، خاصة أن تاريخ المجتمع الإماراتي كان يختزن التقاليد ومشاعر التلاحم المشتركة التي أسهمت في صياغة الهوية الإماراتية وحافظت عليها.
كما يأتي الاحتفال باليوم الوطني عقب يوم الشهيد في الثلاثين من نوفمبر، وهذه مناسبة وطنية غالية تحث على تقدير وتخليد جهود أبطال الإمارات من أجل رفع راية الوطن والتضحية من أجلها.
لقد أصبحت تجربة الإمارات راسخة في الثقافة السياسية العربية والعالمية، ويتم اعتبارها الأنموذج الفريد الناجح على مستويات الاتحاد وبناء الهوية والنهوض الاقتصادي والانفتاح على العالم، مع الحفاظ على الخصوصيات المحلية. وخاصة في ظل ما يشهده العالم من اضطرابات في كثير من الدول. لذا أصبح صعود اسم الإمارات في العديد من المؤشرات العالمية يمثل شهادة من كبريات المؤسسات الدولية، الأمر الذي يجعلنا في الإمارات أمام مسؤولية مضاعفة لتحقيق المزيد من الإنجازات للحفاظ على المكانة التي تحققت للدولة على المستوى العالمي.
إن الاحتفال باليوم الوطني مناسبة جديرة بأن تجعلنا ننظر بفخر إلى نِعم الاستقرار والأمان والرخاء التي ننعم بها في دار زايد، الأمر الذي يضع على عاتق كل مواطن مسؤولية الحفاظ على مكتسبات الوطن. وخاصة أن العالم من حولنا يشهد اضطرابات وحروباً أهلية، فيما أصبحت فيه الإمارات منارة لنشر التسامح وقيم التعايش على المستوى العالمي، وعملت على إرساء هذه المفاهيم الحضارية من خلال مناسبات محلية وإقليمية كبرى متنوعة.
ومع احتفالاتنا بذكرى اليوم الوطني الـ48 نكون على مشارف انتهاء عام 2019، الذي تكثفت فيه أنشطة نشر قيم التسامح والتعايش ونبذ التطرف، لتضاف هذه الجهود إلى الصورة المشرقة للإمارات في الثقافة العالمية، باعتبارها ليست فقط وجهة جاذبة للاستثمار والسياحة، بل منارة لالتقاء الحضارات وبناء التفاهم بين البشر، ونشر السلام والمحبة والالتفات نحو كل ما يوفر السعادة والرخاء للبشرية.

*كاتب إماراتي