زيارة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد نائب رئيس الوزراء وزير الدفاع في المملكة العربية السعودية، إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، من أهم أهدافها توطيد دور المجلس التنسيقي السعودي- الإماراتي، والذي كان من أهم ثماره اللجنة المشتركة للتعاون الإعلامي، التي تهدف إلى تطوير القطاع الإعلامي في البلدين والكوادر العاملة فيه، والتعاون والتنسيق بين المؤسسات الإعلامية، وتعزيز علاقاتها.
وأهم ما يجب أن تقوم به هذه اللجنة، خاصة إزاء معظم القضايا والتحديات الإقليمية والدولية، يتمثل في دعم السمعة الإيجابية للبلدين وحماية مسؤوليها مما يسمى Character assassination، أي اغتيال الشخصية، التي تمارسه بعض وسائل الإعلام الإقليمية والغربية تحديداً.
اغتيال الشخصية هي عملية متعمدة ومستمرة تهدف لتدمير مصداقية وسمعة شخص أو مؤسسة أو منظمة أو بلد. ويستخدم وكلاء أو عملاء اغتيال الشخصية مزيج من الطرق لتحقيق أهدافهم، مثل نشر الاتهامات الكاذبة، وزرع الشائعات وتعزيزها، والتلاعب بالمعلومات.
لقد وضحت إيرينا تسوكرمان Irina Tsukerman، المحللة السياسية الأميركية، والخبيرة في الشؤون الأمنية، في ورقة بحثية لها بعنوان: «استعادة السمعة من خلال التواصل الفعال في مجال الشؤون الدولية»، أن اغتيال الشخصية في السياق السياسي هو شكل من أشكال حرب المعلومات. فهذه الحرب هي طريقة لتبادل المعلومات أو نقلها بهدف تشويه السمعة أو إحباط المعنويات، وفي نهاية المطاف يتم إضعاف المستهدف. يمكن تحقيق هذا الهدف من خلال عدة وسائل لكن أبرزها الحرب الإلكترونية وPsychological operations أي العمليات النفسية وهي نوع من أنواع الحرب النفسية المخططة تقوم بنقل معلومات معينة إلى الجماهير للتأثير على عواطفهم ودوافعهم ونظرتهم للحكومات والأفراد. التضليل والدعاية هما من أكثر الأنواع شيوعًا لهذه العمليات النفسية. كما أشارت المحللة أيضا أحد أنواع هذه العمليات النفسية هي القرصنة وتسريب المعلومات الحساسة بهدف إحراج المستهدف، وهذه الطريقة من أخطر الوسائل لاغتيال الشخصية لأنها تدمر سمعة الشخص أو البلد، لإيصال رسالة سلبية أن هذا الشخص ليس جديرا بالثقة ولا يعتمد عليه.
كذلك وضحت المحللة، لدحض الادعاءات واستعادة السمعة هناك عددا من التقنيات الدفاعية، مثل إنكار الادعاءات الكاذبة، تحويل الاتهام من الشخص المستهدف إلى جهات أخرى، الاعتراف الجزئي بالأخطاء لكن مع توضيح أسباب الأخطاء، وتعزيز التركيز على الجوانب الإيجابية للشخصية المراد استهدافها وإبراز شعبيتها بين مواطنيها. بالإضافة، الهجوم على المصدر المتهم للشخصية المستهدفة وتوضيح عيوبه ودوافعه الحقيقة، وهذا مع الاستمرار بإقامة الإصلاحات الداخلية والتنمية وخدمة مصلحة المواطنين.
وفي ظل هذه الحرب النفسية الإعلامية، يأتي الدور المهم للجنة السعودية الإماراتية للتعاون الإعلامي لكي يكون التحرك استباقيا وليس مجرد ردة فعل دفاعية. فهذه اللجنة عليها إدراك أنه يجب تغيير التعامل مع الإعلام المناوئ، الذي يستهدف تدمير سمعة الأوطان و«اغتيال الشخصيات» بسبب عدة دوافع، كالإعلام الغربي حاليا. وبالتالي يتعين تغيير الاستراتيجية التقليدية الإعلامية التي كانت تتعامل مع الإعلام الغربي باعتمادها على التحالفات القديمة. فيجب الآن أن تكون الاستراتيجية الإعلامية متمركزة على المواطن ويكون هناك اندماج بين الإعلام التقليدي والجديد للاستناد إلى اهتمامات المواطن ورواية القصص بالأدلة. كذلك يجب دعم وتأهيل الكوادر الوطنية الإعلامية لتوضيح الاتهامات والرد عليها مع شرح موضوعي مفصل والتركيز على الإعلام التفاعلي لإشراك الجماهير في النقاشات المختلفة، ومن ثم رصد كل هذه البيانات وتحليلها بالطريقة الكمية والنوعية ونشرها للعالم الخارجي للجم الادعاءات المغرضة من الإعلام المناوئ، الذي يستهدف تدمير سمعة الأوطان.
*باحثة سعودية في الإعلام السياسي