سأبدأ حديثي بتغريدة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، والتي قال فيها: «فقدت أخي وعضيدي أحد رجالات الدولة الأوفياء ورمز من رموزها الوطنية.. عمل مع المؤسس المغفور له الشيخ زايد على وضع لبنات مؤسسات الاتحاد وخدمة شعبه». عبارات بليغة جاءت في سياق نعي من سموِّه لأخيه وهو يفقده. إن أكثر الكلمات بلاغةً وصدقاً، هي تلك التي تأتي فِي الاستحضار النفسي عند الحدث، فكيف ذلك مع مصيبة الموت بفقدان أخٍ لا يُعَوَّض!
الفقيد، المغفور له بإذن الله تعالى، هو -كما قال عنه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، «أحد رجالات الدولة الأوفياء ورمز من رموزها الوطنية». إنَّ ما عبّر عنه سموه في هذه المناسبة التي آلمتنا جميعاً، له دلالات رمزية ووطنية، وقد أبرزها سموه وهو يصف مكانة الفقيد كرمز وطني.
كان الشيخ سلطان بن زايد، حسب مَن خبروه وعملوا معه، مفعماً بالمشاعر الوطنية وبالوفاء والإخلاص. وقد اتصف ببعض طباع والده المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، إذ كان يعمل ولا يمل، خاصة في الأنشطة الميدانية، حيث تجده يتفقد المشروعات بنفسه منذ أن كان رئيساً لدائرة الأشغال بأبوظبي، دون اكتراث بحرارة الجو في شهور الصيف. وكان يُعرف عنه تعاطفه مع الموظفين المواطنين.
وفي هذا السياق نذكر أحد إنجازاته، وهو جامع الشيخ زايد الذي بذل فيه جهداً حثيثاً من بدايات إنشائه الذي استغرق 12 عاماً وتم افتتاحه في ديسمبر 2007، وأُقيمت الصلاة الأولى فيه بحضور صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، ويضم في ساحته الخارجية ضريح المغفور له سمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه. وإلى ذلك فإنه يشكل معلماً حضارياً يزوره السياح بإعداد كبيرة من جميع الجنسيات.
وكان الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان مولعاً بالتراث، لذلك أسس «نادي التراث» الذي يُعد نافذة تراثية لتوعية أبناء الوطن بماضي مجتمعهم وإكسابهم القيم والتقاليد العريقة، وربطهم بموروث الأجداد من خلال المشاركة في المسابقات التي ينظمها النادي إحياءً للماضي في نفوس الناشئة والشباب وترسيخاً لقيم الولاء والانتماء لديهم. وكان رحمه الله يدعم ويرعى شخصياً أنشطة «نادي التراث»، لصون التراث الثقافي الوطني، ونقله إلى الأجيال المقبلة، ضمن رؤاه حول ضرورة المحافظة على موروث المجتمع وشخصيته الوطنية، قائلاً إن «المفردات التراثية تشكل مصدراً مهماً وملهماً لتعليم وتعزيز وحفظ هوية ومكتسبات الوطن ومنجزاته ولاستشراف المستقبل».
المتابعون والمهتمون بالتراث الإماراتي وربابنة البحر، يصفون سمو الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان، رحمه الله، بـ«حارس التراث»، لحرصه الشديد على إقامة سباق السفن الشراعية التقليدية، وسباق التجديف، وهما سباقان يحافظان على رياضة الآباء والأجداد، من خلال رصده جوائز قيّمة للمتسابقين. كما كان يحرص على إقامة سباقات الهجن، ويخصص للفائزين فيها جوائز قيّمة أيضاً. كل ذلك سيراً على ما كان عليه الوالد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه.
ومن الأنشطة التي كان يحرص عليها سمو الشيخ سلطان بن زايد رحمه الله «ملتقى جزيرة السمّالية الصيفي» الذي يُعد من أهم التجارب والملتقيات التراثية على مستوى المنطقة.
ومسك الختام، هو نعي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، في تغريدة قال فيها: «خالص التعازي لشعب الإمارات ولآل نهيان الكرام في وفاة الشيخ سلطان بن زايد.. أبناء زايد لهم بصمات خالدة في دولة الإمارات».

*سفير سابق