في الثامن من مارس من كل عام، يتم الاحتفال باليوم العالمي للمرأة. ويبدو أن أوضاع النساء مختلفة باختلاف المجتمعات واختلاف درجة تطورها. فهناك مشاكل للمرأة الأوروبية لا تشبه مشاكل المرأة الأميركية أو الأفريقية أو الآسيوية. كما تختلف حدة هذه المشاكل وخطورتها ومدى تجذرها في الثقافة الشعبية من مجتمع إلى آخر. لهذا جاء الإعلان العالمي لحقوق المرأة مثل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والإعلان العالمي لحقوق الشعوب.
ويتطور وضع المرأة طبقاً لتطور المجتمعات، فقد بدأت في المجتمعات الأولى، كما يقول علماء الاجتماع والأنتروبولوجيا، بالعصر الأمومي عندما كانت المرأة تسعى لكسب العيش في الخارج بينما يمكث الرجل في المنزل لرعاية الأطفال، ثم تغيرت المجتمعات إلى العصر الأبوي عندما تحول الرجل إلى العمل في الخارج وأصبحت المرأة تُعنى بشؤون المنزل وتربية الأطفال في الداخل. ثم تطورت المجتمعات عندما تساوت المرأة مع الرجل في العمل، في الخارج والداخل معاً، نظراً لظروف الحياة.
ومن ذلك يكون حل وضع المرأة في المجتمعات هو المساهمة في الدفع بها من مرحلة تاريخية إلى أخرى. فوضع المرأة في مجتمعها غالباً ما يكون ظاهرة اجتماعية وليس وضعاً شرعياً أو أخلاقياً، بل إنه في الشريعة اليهودية يختلف عنه في التعاليم المسيحية، وفي الفقه الإسلامي، وذلك نظراً لتطور الشرائع من التوراة إلى الإنجيل إلى فالقرآن، أي من القرن الثالث عشر قبل الميلاد (حين عاش موسى عليه السلام) إلى القرن الأول الميلادي حين ظهر عيسى عليه السلام، إلى القرن السادس حين نزلت رسالة الإسلام.
وقد يتجذر وضع المرأة في عصر معين بسبب الثقافة الشعبية، ويصبح وضعاً شاملاً ووحيداً لكل العصور، كما هو الحال في الشرائع الوثنية. بل إن المرأة في الفن هي باستمرار المرأة الأوروبية البيضاء الشقراء الهيفاء، ملكة جمال العالم. لكن إذا كانت كليوباترا بيضاء، فإن الملكة حتشبسوت كانت سوداء، وشجرة الدر كانت سمراء. وفي الثقافة قد تتحول المرأة إلى مقدس لا يمكن لمسه بل رؤيته، ومن هنا أتت شعائر الحجاب والنقاب لتأخذ طابعاً دينياً في كثير من المجتمعات.
وقد يتم استعمال تعدد الزوجات كحجة للسيطرة على المرأة من جانب الرجل، مع أنه حالة استثنائية فقط عندما تصاب المرأة بالعقم أو بمرض يقعدها. وفي هذه الحالة لن يستطيع الرجل (حتى ولو حرص) أن يعدل بين زوجاته، وهو شرط التعدد أصلاً. وقد كان التعدد مفتوحاً بلا حدود، لكن الإسلام حدده وخفضه إلى أربع فقط، لكنه الآن أصبح مقتصراً على كبار التجار من المتدينين وأصحاب المحلات الكبرى والمتاجر الحديثة. وما يزال تعدد الزوجات عادة أفريقية حتى الآن حيث يبني الرجل منزله ويحيطه بأربعة منازل، لكل زوجة منزل، وهو راض والزوجات راضيات بذلك، وكل منهن تعيل أطفالها، لأن الرجل لا يستطيع إعالتهم كلهم. ولا ضير في أن تسافر المرأة الأفريقية للعمل في الخارج حتى تعيل أطفالها وترسل لهم النقود.
لكن العصر لم يعد قابلاً لهذه المرحلة من التطور والوقوف عندها نظراً لأزمة الإسكان والبطالة والغلاء وزيادة تكاليف المعيشة. وكما أن العقم أصبح علاجه طبياً في المتناول، فإنه في العديد من الدول الإسلامية لا يتم السماح للرجل بعقد قرانه على زوجة ثانية إلا أمام القاضي، لينظر الحالة ويحكم فيها، وليس طبقاً للأهواء أو الأحوال.

*أستاذ الفلسفة -جامعة القاهرة