مناقشات كثيرة عن قضية السن شغلت هذه الدورة من الانتخابات التمهيدية «الديمقراطية» للسباق الرئاسي الأميركي. وأثارت الأزمة القلبية التي تعرض لها السيناتور «بيرني ساندرز» في وقت مبكر من شهر أكتوبر المخاوف بشأن صحته. وهناك مخاوف أوسع أخرى عن ترشيح «ساندرز» الذي سيبلغ من العمر 79 عاماً في يوم التنصيب أو نائب الرئيس السابق جو بايدن الذي سيبلغ 78 عاماً يوم التنصيب أو مخاوف بدرجة أقل بشأن السيناتور «الديمقراطية» اليزابيث وارين التي ستبلغ 71 عاماً في يوم التنصيب. لكن هناك «قضية سن» تستحق المزيد من الاهتمام، وهي متوسط عمر الناخبين في الانتخابات التمهيدية. وشخصية المرشح «الديمقراطي» التالي قد تتوقف على هذه البيانات الخاصة بأعمار الناخبين.
ودعنا نفحص استطلاع الرأي الجديد لصحيفة «واشنطن بوست» وشبكة «أيه. بي. سي»، الذي نُشر يوم الأحد الماضي. إجمالاً، مازالت الأرقام جيدة في مصلحة «بايدن»، وحصلت «وارين» على تأييد 23% من المشاركين في الاستطلاع، ما يعكس الدعم المتصاعد لها على مدار الشهور القليلة الماضية، ومازال «ساندرز»، يتمتع بنسبة دعم تقل قليلاً عن 20%، أي بأقل نقطتين فقط عن يوليو الماضي.
وكي يحافظ «بايدن» على استمرار الدعم الذي يتمتع به في استطلاعات الرأي يجب عليه أن يشكر الناخبين كبار السن. فمن بين الراشدين الذين تقل أعمارهم عن 49 عاما هناك 17% فقط يؤيدون بايدن مقارنة مع 22% لوارين و28% لساندرز. وفي المقابل هناك 37% ممن تبلغ أعمارهم 50 عاماً أو أكثر يؤيدون بايدن، بينما هناك 20% من هذه الفئة يؤيدون «وارين» و10% يؤيدون ساندرز. والفارق بين «الديمقراطيين» المتقدمين في السن والشباب أكبر من الفارق بين الذكور والإناث وبين البيض وغير البيض، وبين المعتدلين والليبراليين وأي تقسيمات فئوية أخرى. ويظهر استطلاع رأي آخر نشر يوم الأحد الماضي فجوة مشابهة في السن. ويظهر أحدث استطلاع رأي لـ«فوكس نيوز» للناخبين في الانتخابات التمهيدية «الديمقراطية» أن «بايدن» يحظى بنسبة تأييد 31% و«وارين» تحظى بنسبة تأييد 21% و«ساندرز» بنسبة 19% إجمالاً. وبين «الديمقراطيين» المتقدمين في السن يتصدر بايدن المجموعة متمتعاً بتأييد 37% في مقابل 26% لوارين و10% لساندرز. ووسط «الديمقراطيين» الأصغر سناً حصل «ساندرز» على تأييد 31% وبايدن على 24% ووارين على 15%.
فلو كانت الانتخابات التمهيدية «الديمقراطية» سباقاً قومياً لكان تقدم «بايدن» قوياً بما يكفي- وهو يبلغ 9% في متوسط استطلاعات الرأي- ليجعل هذه الفجوة في السن مثيرة للفضول. لكن لسوء حظ «بايدن»، فإن مكانته أضعف بكثير في أيوا ونيوهامبشير. ومنذ عام 1992، لم يفز «ديمقراطي» بالترشيح دون الفوز بواحدة على الأقل من هاتين الولايتين. فلماذا يعاني بايدن هناك؟ لأن فجوة السن هناك أكثر اتساعاً. وفي استطلاع رأي لشبكة (سي. إن. إن) وجامعة نيوهامبشير لـ«الديمقراطيين» في نيوهامبشير، حصل «بايدن» على 15% من التأييد ليأتي بعد ساندرز الذي يتمتع بنسبة 21% من التأييد، و«وارين» التي تتمتع بنسبة 18% من التأييد. ونائب الرئيس السابق يتمتع بتأييد 22% من الناخبين «الديمقراطيين»، الذين تزيد أعمارهم على 50 عاماً، مقارنة بتأييد 8% من الذين تقل أعمارهم عن 50 عاماً. وفي استطلاع رأي لصحيفة «نيويورك تايمز» ومعهد «سينا كوليدج للأبحاث» في ولاية أيوا، فإن التفسير لحلول بايدن في المرتبة الرابعة بنسبة تأييد تبلغ 17% يبدأ وينتهي بحقيقة أنه حصل على تأييد أقل من 3% وسط الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم أقل من 45 عاماً ممن يحتمل أن يشاركوا في الاجتماعات الانتخابية الحزبية.
وقبل أربع سنوات كان الناخبون الأكبر سناً هم أكثر الناخبين ثباتاً على تأييد هيلاري كلينتون ضد ساندرز. وكما حدث عام 2016، سيتجلى هذا في المشاركة في الانتخابات. وكان الناخبون الذين تزيد أعمارهم على 45 عاما يمثلون ثلاثة أخماس كل الناخبين «الديمقراطيين» في الانتخابات التمهيدية عام 2016 وهو ما أعطى كلينتون ميزة لا يمكن التغلب عليها. وإذا حافظ الناخبون الأكبر سناً على هذا الهامش هذه المرة، فهذا ييسر كثيراً طريق «بايدن» لإصلاح ما يعتريه من انخفاض في الشعبية في أيوا ونيوهامبشير أو في واحدة منهما. وإذا شارك الناخبون الشباب بأعداد أكبر سيكون طريق «وارين» أو «ساندرز» تحديداً أيسر بكثير. ونظراً للهوامش الطفيفة، فحتى لو تغير متوسط العمر في جمهور الناخبين قليلاً فحسب، فهذا قد يحدث فارقاً كبيراً.
*صحفي أميركي
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»