في الأسبوع الماضي، أبدت مجموعة من «الجمهوريين» في مجلس النواب إخلاصهم الأبدي للرئيس ترامب من خلال القيام بعمل جريء، حيث اقتحموا غرفة آمنة تضم أعضاء من لجنة الاستخبارات من الحزبين، كانوا يستعدون لسماع شهادة أحد مسؤولي البنتاجون. لكن في مجلس الشيوخ، كانت المشاعر مختلفة بعض الشيء، كما أوضح «روبرت كوستا» و«فيليب روكر» في صحيفة «واشنطن بوست»: «تلك التصرفات المصطنعة تكذّب الإحساس العميق بعدم الراحة الذي يقول الجمهوريون إنهم يشعرون به –خاصة أعضاء مجلس الشيوخ الذين يخشون الاضطرار إلى موازنة ضمائرهم في مقابل حساباتهم السياسية في تقرير ما إذا كانوا سيدينون أم يبرئون ترامب حال قيام مجلس النواب الذي يسيطر عليه «الديمقراطيون» باتهام الرئيس بسوء التصرف». وفي المناقشات المكبوتة التي دارت الأسبوع الماضي، أعرب أعضاء مجلس الشيوخ «الجمهوريون» عن أسفهم لأن التحقيق الذي توسع بشكل سريع يوتّر حزبهم، والذي لا يزال في قبضة ترامب تماماً. كما عبّروا عن سخطهم من الافتراض السائد بأنهم يدافعون عن الرئيس ضد الصورة المزعجة التي تم رسمها، مع عدم وجود حجج مقنعة من البيت الأبيض ولا الثقة في أن شيئاً أسوأ لن يتم اكتشافه قريباً. و«قال أحد أعضاء مجلس الشيوخ المخضرمين، لم يكشف عن هويته، وهو يصف بصراحة توافق الآراء: يبدو الأمر وكأنه فيلم رعب».
إنهم ساخطون، أليس كذلك؟ حسناً، فما الذي يتوقعونه؟ إذا كنت قد أخبرتهم في عام 2016 أن رئاسة ترامب ستتسم بكميات صادمة من الممارسات المثيرة، حيث لم يكن الرئيس مثيراً للانقسام فحسب، بل إنه أيضاً خذل منصبه ومصالح الولايات المتحدة بشكل واضح لتحقيق مصلحته السياسية، فهل كان أي منهم سيقول: لا، لا أستطيع أن أتخيل أن هذا سيحدث؟»
وإذا كنت قد أخبرتهم بأن ترامب سيُحاكم، وبأنه يتعين عليهم أن يحكموا على أفعاله التي لا يمكن الدفاع عنها، فهل كانوا سيقولون إن مثل هذا المنعطف في الأحداث سيكون مستحيلا؟  فهل كانوا سيهزون رؤوسهم ويقولون إنه من المستحيل حدوث هذا؟
ومع ذلك فقد أقنعوا أنفسهم بطريقة ما أن هذا لن يحدث. لقد راهنوا على أنه بإمكانهم أن يمضوا أربع سنوات دون أن تتأثر سمعتهم، ناهيك عما يعتبرونه أخلاقهم! لقد قالوا لأنفسهم: ربما يكون ترامب نابضاً بالحيوية وغير تقليدي، لكن جلال الرئاسة والمؤسسات القوية لنظامنا العظيم كل ذلك سيروضه.
والأهم من ذلك، أنهم قرروا أن استحواذ ترامب على حزبهم كان مكتملا للغاية لدرجة أنه لم يكن أمامهم خيار: يمكنهم الثبات على المبدأ والمخاطرة بحياتهم المهنية في الكونجرس، أو أن يحرقوا ما تبقى لديهم من ضمير، ثم الركوع وتقديم الرماد لترامب كرمز على احترامهم له.
ومع استثناءين فقط، اختاروا الطريق الأخير. حتى هؤلاء الذين ترشحوا ضد ترامب في الانتخابات التمهيدية لعام 2016 خضعوا له. فقد تساءل السيناتور «الجمهوري» «ليندسي جراهام» في عام 2015، متحدياً ترامب: «أنت تعرف كيف تجعل أميركا عظيمة مرة أخرى؟ من يصدق ذلك فليذهب إلى الجحيم». والآن أصبح جراهام أحد أكثر المدافعين عن ترامب حماساً.
كان الأمر واضحاً آنذاك، كما هو واضح الآن. هناك نوعان من الأشخاص حول ترامب: هؤلاء الذين انجذبوا إليه تحديداً لأنه يمكن اختراقه من جانبهم (وبعضهم في السجن حالياً)، وهؤلاء الذين خدعوا أنفسهم بالاعتقاد أنهم يمكنهم الانضمام إلى قضيته دون أن يتلطخوا.
ومعظم أعضاء مجلس الشيوخ «الجمهوريين» في تلك الفئة الأخيرة. لكنهم لا يجب أن يفلتوا من الحكم لأنهم هزوا رؤوسهم حزناً عدة مرات. لقد كان كل أمثاله في التاريخ محاطين بأمثالهم، ممن أقنعوا أنفسهم بأن تنازلاتهم كانت تستحق التعب بسبب الخير الذي اعتقدوا أن بإمكانهم القيام به من خلال التمسك بقوتهم.
لذا، نعم، سيتعين عليهم الآن الشعور ببعض الانزعاج بينما تظهر يومياً مزيد من الأدلة على الأفعال القابلة للنقض. وسيتعين عليهم تجنب المراسلين الذين يطلبون التعليق على أحدث الأحداث الصادمة. وسيتعين عليهم الكفاح من أجل تبرير ما لا يمكن تبريره، بمساعدة قليلة من البيت الأبيض المليء بالدوغمائيين.
ونحن نعلم كيف سينتهي الأمر. ربما يصوّت عدد قليل من أعضاء مجلس الشيوخ «الجمهوريين» –ربما عضو أو اثنين– لإدانة ترامب في تهم يعتقد «الديمقراطيون» (وكثيرون غيرهم) أنه ارتكبها. لكن الغالبية العظمى لن تفعل ذلك.

*كاتب أميركي
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»