حين أصبح بيل كلينتون رئيسا جعل الرعاية الصحية على قمة أولوياته التشريعية. وحين أصبح باراك أوباما رئيسا، كان عليه أولا أن يتصدى للركود الاقتصادي، لكنه بعد ذلك تحول إلى الرعاية الصحية. والرئيس «الديمقراطي» التالي يجب أن يختار أولوية مختلفة. صحيح أن هناك عددا كبيرا للغاية من الأميركيين مازالوا يعانون من تغطية التأمين المكلفة أو غير الملائمة والرئيس التالي يجب أن ينظر بالتأكيد إلى تحقيق تقدم في الرعاية الصحية. لكن الرؤساء يتعين عليهم الاختيار. ومن الواقعي أن ينتقوا مشروع أو مشروعي قانون شامل يحاولون إقرارها في العام الأول من ولايتهم.
وكي نجادل بأن الرعاية الصحية يجب أن تكون على قمة قائمة الأولويات، لا يكفي القول ببساطة إنها مهمة، بل يتعين أن نؤمن بأنها أهم بكثير من كل الأمور الأخرى- تغير المناخ وحقوق التصويت والهجرة والتعليم وثبات الأجور ونظام الضرائب غير العادل- كي تستحق مكانة الأولوية العليا الوحيدة لمدة أربعة عقود من الرئاسة. وأنه على كل القضايا الأخرى أن تتراجع إلى المقعد الخلفي. وهذا سيكون خطأ لأن كل الحجج السياسية والأدبية لبعض من القضايا الأخرى أقوى الآن من حجج قضية الرعاية الصحية. فتغير المناخ يهدد سلامة الكوكب وكل من يعيش عليه. والرئيس التالي يستطيع أن ينقذ بعض الأرواح ويحسن الصحة للناس بإبطاء التغير المناخي وليس تحسين التأمين الصحي.
والديمقراطية الأميركية الجريحة أكثر إلحاحا أيضا. وإذا لم يجر معالجتها، فقد يضيع أي توسع في التأمين الصحي في غضون سنوات قليلة.
ولسوء الطالع، يجري إقصاء هذه القضايا الأخرى إلى الهوامش في حملة 2020، بينما تركز انتباه وسائل الإعلام على الرعاية الصحية. وفي كل واحدة من المناظرات الست حتى الآن، استولت الرعاية الصحية على جانب كبير من نصف الساعة الأولى التي يتابعها أكبر عدد من الجمهور. وانفق المرشحون ما يقرب من 100 دقيقة إجمالا يتحدثون عن الموضوع على المسرح أكثر مما أنفقوا من وقت على الحديث عن كل من تغير المناخ وحقوق التصويت وسياسة الضرائب معا.
والأخبار الجيدة هي أن هناك بعض المرشحين لايروقهم الانشغال الشديد بالرعاية الصحية. ففي محطة لحملة انتخابية الأسبوع الماضي، لجأت المرشحة «الديمقراطية» إليزابيث وارين إلى سؤال الصحفيين إذا ما كان أي منهم يريد أن يسألها عن التعليم.
ونتيجة لهذا تقلص ما لدى الإدارة من وقت لمعالجة تشريع لتغير المناخ. وتحرك مجلس «الشيوخ» ببطء نحو الرعاية الصحية. وحين أصبح أعضاء مجلس الشيوخ مستعدين لتناول مشروع قانون عن المناخ كانت انتخابات التجديد النصفي لعام 2010 قد اقتربت. ولم يكن يريد عدد من أعضاء مجلس الشيوخ خوض تصويت سياسي آخر محفوف بالمخاطر. وأصبحت الرعاية الصحية من الإنجازات المهمة لأوباما لتضيف نحو 20 مليون أميركي في التأمين الصحي. بينما أصبح تغير المناخ أبرز نقاط قصوره. وبعد أكثر من عقد من الزمن، مع ارتفاع مستويات البحار والعواصف العاتية التي تتسبب في المزيد من الدمار لا تتحمل البلاد أن تتجاهل سياسة للتصدي للمناخ ثانية.
وهناك ما يسوغ أن يعتقد الرئيس التالي أن يكون لديه ما يكفي من الوقت لقضيتين كبيرتين في قائمة الأولويات في حالة عدم وجود أزمة مالية. وحتى دون رعاية صحية وحتى إذا استعاد «الديمقراطيون» مجلس الشيوخ، وهو شرط أساسي لإقرار أي مشروع قانون طموح فإن القرار لن يكون سهلا.
ويقدم «مايكل ليندن» الذي يدير جماعة «جراوندوورك كولابيريتف» مقرها واشنطن وتدافع عن اقتصاد أكثر عدالة، اقتراحاً يبدو لي صائباً، مفاده أن أحد الأولويات يجب أن يكون للإصلاح الديمقراطي مثل حقوق التصويت. والأولوية الأخرى يجب أن تكون مشروع قانون اقتصادي يفرض ضرائب أعلى على الأثرياء وينفق المزيد من المال على مساعدة الطبقة الوسطى والفقيرة ويدعم النمو الاقتصادي.
ومشروع القانون الثاني هذا سيتضمن التمويل للطاقة النظيفة وأيضا وضع قيود على التلوث. واعتمادا على مجريات السياسة، فمما قد يكون له معنى أن نطلق على مشروع القانون هذا صفقة خضراء جديدة.
*صحفي أميركي
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»
Canonical URL: https://www.nytimes.com/2019/10/27/opinion/climate-change-healthcare.html