ربما ما زلنا في شهر أكتوبر، ولكن أعياد الميلاد قد حلت مبكراً هذا العام، بالنسبة للكثيرين في بودابست!
وعلى وجه التحديد، فقد وصلت مع فوز العمدة «جيرجيلي كاركسوني»، المنافس المعارض الذي فاجأ استطلاعات الرأي وهزم «استفان تارلوس» العمدة الحالي لمدينة بودابست، والمنتمي للحزب الحاكم. والناس في شوارع العاصمة المجرية يتمنون لبعضهم بعضاً عيد ميلاد سعيداً في مزاج احتفالي.
ويأتي فوز «كاركسوني» على رأس سلسلة من الانتصارات في الانتخابات البلدية في جميع أنحاء البلاد، حيث توحدت أحزاب المعارضة لكسر احتكار السلطة من قبل رئيس الوزراء «فيكتور أوربان» الذي تحرك في اتجاه استبدادي لتحقيق ما يطلق عليه ديمقراطيته غير الليبرالية. وتعد المكاسب التي تحققت، بعد تسع سنوات من فوز أوربان وحزبه «فيدس» في كل الانتخابات التي كانت تجرى في جميع أنحاء البلاد، دليلاً على أنه لا يزال من الممكن التنافس على الساحة السياسية، حتى وسط التحديات التي تشكلها الأخبار الزائفة وهياكل السلطة غير المتكافئة.
يقول «دانييل هيجدوس»، زميل في إدارة أوروبا الوسطى بصندوق مارشال الألماني بالولايات المتحدة «هذا الانتصار المفاجئ –إذا تم استغلاله بحكمة من قبل قوى المعارضة –سيعيد السياسة إلى المجر. فهو يسمح للمعارضة ببناء هياكل جديدة، ويوفر لها الموارد اللازمة والفرصة للنظر في بعض أنماط الفساد السابقة للسياسيين في حزب فيدس في المدن التي دحرها الحزب الحاكم».
وكانت رياح التغيير هي الأقوى في العاصمة، حيث حصلت المعارضة على 14 من أصل 23 مقاطعة في التصويت الذي أجري في 13 أكتوبر. وكانت المفاجأة الأخرى هي فوزهم في 10 من أصل 23 من المدن الرئيسة في المجر. ويتفق المحللون على أن النتائج هي في جزء منها شهادة على قدرة المعارضة المجزأة على تنحية الخلافات جانباً. في الدوائر الانتخابية الرئيسة، احتشدت الأحزاب الستة خلف مرشح واحد، ما يمكن أن يحدث فرقاً كبيراً في نظام انتخابي من جولة واحدة والفوز فيه للأكثر أصواتاً.
تقول «كريستينا باراني» التي تم انتخابها رئيساً للدائرة التاسعة ببودابست «من أجل التغلب على نظام أوربان، لا يوجد بديل سوى التعاون الوطني لكل المعارضة».
ولا يزال حزب «فيدس» الذي تولى السلطة عام 2010 وفاز في سبعة انتخابات منذ ذلك الحين، له اليد العليا. فهو يسيطر على أغلبية في البرلمان، ولا يزال المرشح المفضل الواضح في المناطق الريفية. وقد أظهر استطلاع الرأي الذي أجري في 13 أكتوبر انقساماً حضرياً/ريفياً حاداً لا يشبه الفجوة التي تشهدها الولايات المتحدة. يقول «بيتر كريكو»، مدير معهد العاصمة السياسية في بودابست «تعد المدن الكبيرة عمليا نقاط معارضة في المناطق الريفية التي يسيطر عليها حزب فيدس».
وقد لعبت التطورات غير المتوقعة دوراً أيضاً. فقد اندلعت فضيحة جنس ومخدرات حول «زولت بوركاي»، مرشح حزب «فيدس» الحاكم لتولي منصب العمدة في مدينة جيور. ولم يطرده الحزب، ولم يقدم هو استقالته، ولكنه فاز في النهاية في السباق. بيد أن الفضيحة أضرت بصورة حزب «فيدس» في جميع أنحاء البلاد، ما أحبط الناخبين وحشد مؤيدي المعارضة.
يقول كريكو «لا يمكننا اعتبار أن هذا النصر سيؤدي تلقائياً إلى هزيمة حزب فيدس في انتخابات 2022. فوضع رؤساء البلدية الجدد سيكون صعباً للغاية.. ومن ناحية أخرى، سيكون أمامهم بعض الفرص إذا تمكنوا من الحصول على بعض أموال الاتحاد الأوروبي لإثبات أن هناك عالماً من دون هذا الحزب، وأن بإمكانهم إدارة المدن بنجاح».
ومن الدروس المستفادة من هذه الهزيمة بالنسبة لحزب «فيدس» هو أن المعارضة لا تزال قوية وتتمتع بثقل في وسائل الإعلام.
*صحفية أميركية مقيمة في إسطنبول.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»