في المناقشات العاصفة بشأن سياسة الهجرة، هناك ميل للإغفال عن أهمية التأشيرة المؤقتة المتواضعة H-1B. وتميل التدفقات اليائسة القادمة من أميركا الوسطى في اتجاه الحدود إلى إثارة مشاعر قوية على كافة الجوانب، بينما يثير متخصصون تقنيون هنود يعملون في وادي السيليكون اعتراضات أقل. لكن العمال القادمين بتأشيرة H-1B مهمون لتحقيق الازدهار الوطني، بينما يتعرض برنامج التأشيرة للتهديد من قبل إدارة ترامب.
وعلى الرغم من أن التأشيرات تنتهي صلاحيتها عادة بعد ست سنوات، فإن تأشيرة H-1B تكون بمثابة فترة تجربة للمهاجرين ذوي المهارات العالية. وفي أحيان كثيرة، تعطي العامل فرصة ليصبح مثبتاً، ويتقدم بطلب للحصول على إقامة دائمة، بينما تعطي لصاحب العمل الفرصة لاختبارهم. وبدون هذه التأشيرة، لن يتمكن سوى عدد قليل من المهاجرين المهرة من العمل في الولايات المتحدة.
جدير بالذكر أن عمال H-1B يساهمون في الكثير من الابتكار والديناميكية الاقتصادية. وعلى سبيل المثال، وجدت دراسة أعدها الاقتصاديان «ويليام كير» و«ويليام لينكولن» أنه عندما تم زيادة عدد تأشيرات H-1B المقبولة في التسعينات، زاد عدد براءات الاختراع التي تُنسب إلى أشخاص يحملون ألقاباً صينية وهندية، بينما لم يقل عدد براءات الاختراع المنسوبة إلى أشخاص يحملون أسماء أنجلو-سكسونية. كما خلصت دراسة حديثة أعدها الاقتصاديون «ستيفن ديموك» و«جيكون هوانج» و«سكوتويسبنر» إلى أن الشركات التي تفوز في قرعة تأشيرة H-1B –التي يتم إجراؤها في السنوات التي يزيد فيها عدد الطلبات على عدد التأشيرات –تميل إلى تلقي المزيد من تمويل رأس المال المخاطر، وتميل لأن تكون أكثر نجاحا وإنتاج المزيد من براءات الاختراع.
وفي الوقت الذي يكون فيه نمو الإنتاجية وتكوين الشركات الجديدة منخفضا، يبدو قبول المزيد من عمال H-1B بمثابة خطوة واضحة. فقد ارتفع عدد عمال H-1B في النصف الأول من العقد، على الرغم من الحد الأقصى الرسمي البالغ 85,000 سنويا. بيد أن هذا يعود إلى حد كبير إلى التوظيف في المؤسسات المعفاة من الالتزام بالحد الأقصى، مثل الجامعات والمنظمات غير الربحية. أما الشركات فتعاني نقصاً في المواهب الأجنبية التي تحتاج إليها لتنمو وتتوسع. وتم السماح بخفض الحد الأقصى لتأشيرات H-1B، والذي يقيد عدد العمال الذين يمكن أن تستأجرهم الشركات الخاصة، بأكثر من النصف في عام 2004، ولم يتم رفعه منذ ذلك الوقت:
والآن، شنت إدارة ترامب هجوماً جديداً على عمال H-1B. وارتفعت معدلات رفض الطلبات للحصول على هذه التأشيرة.
وتظهر تقارير إدارة المواطنة والهجرة الأميركية أن هذا الخفض مقصود. بالنسبة للآن، لم تفعل الجهود المبذولة الكثير لخفض عدد تأشيرات H-1B، ولم يتم الاعتراض على العديد من حالات الرفض ولم يتراجع عدد الطلبات كثيرا. لكن ترامب وإدارته يحاولون بوضوح الحد من تدفق العمال المهرة.
فلماذا هذا العداء تجاه تأشيرات H-1B، لا سيما عندما تظهر استطلاعات الرأي تأييدا كبيرا للمهاجرين ذوي المهارات؟ بالنظر إلى خطاب ترامب وسمعته، ربما يكون للعرق علاقة بهذا، فنحو ثلاثة أرباع طلبات الحصول على H-1B تأتي من العمال الهنود، وتمثل الصين والهند معا أكثر من 85% من إجمالي عدد الطلبات. وهناك أيضا قلق منذ فترة طويلة من أن العديد من التأشيرات يتم الحصول عليها من قبل شركات الاستعانة بمصادر خارجية، والتي لا تضيف كثيراً للابتكار والديناميكية الأميركية.
لكن القلق الذي لا أساس له بشأن المنافسة على الأجور هو بالتأكيد سبب كبير وراء الاعتراض على هذه التأشيرة. فعمال H-1B في صناعة التكنولوجيا يحصلون على أجور أقل من نظرائهم المولودين في الولايات المتحدة، ما يشير إلى أن أرباب العمل يستخدمون عمال أجانب للإبقاء على الأجور منخفضة. على الرغم من أن برنامج H-1B به عيوب، إلا أنه برنامج جيد، ويجب التوسع فيه.
*أستاذ مساعد في الشؤون المالية بجامعة ستوني بروك
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»