أعلن الجنرال «أوستين ميلر»، قائد قوات الولايات المتحدة، وحلف شمال الأطلسي (الناتو) في أفغانستان، يوم الاثنين الماضي، أن أميركا قلصت قواتها في أفغانستان العام الماضي، رغم التوقف المفاجئ لمحادثات السلام مع حركة «طالبان» في شهر سبتمبر المنصرم. وجاء تصريح الجنرال «ميلر»، في مؤتمر صحفي، عقد في كابول، وشارك فيه وزير الدفاع «مارك أسبر»، أثناء زيارة لأفغانستان منذ توليه المنصب، وأكد الجنرال «ميلر» أنه «من غير المعروف للجمهور كجزء من الاستخدام الأمثل، أننا قلصنا قوتنا المسموح بها بنحو 2000 جندي هنا». وذكر الكولونيل «سوني ليجيت»، المتحدث العسكري الأميركي في كابول، أن هناك نحو 13 ألف جندي أميركي في أفغانستان، وحين تولى «ميلر» القيادة في أفغانستان، العام الماضي، كان عدد الجنود يبلغ 15 ألف جندي.
وكان الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، قد وعد مراراً بأن يعيد القوات الأميركية إلى الديار من «حروب بلا نهاية» في الخارج، وفي مسودة لصفقة سلام تم التوصل إليها بين المفاوضين الأميركيين وطالبان، ذكرت إدارة ترامب أنها مستعدة لتقليص عدد القوات الأميركية إلى 8600 جندي، وذكر «ليجيت» أن التقليص تراكم «منذ تولي الجنرال ميلر القيادة»، وليس جزءاً من مسعى تقليص عدد الجنود إلى 8600 جندي أميركي.

وصرح حمد الله محب، مستشار الأمن الأفغاني، أن العدد الصغير من القوات الأميركية لن يكون له تأثير سلبي على القدرات العسكرية الأفغانية، خلاصة يؤكدها أيضاً، فؤاد أمان، المتحدث باسم وزارة الدفاع الأفغانية، عندما قال: إن «دور القوات الأجنبية مقتصر تقريباً على الإشراف»، وأشارت دراسة، نشرها البنتاجون، في يونيو الماضي، إلى أن قوات الأمن الأفغانية ما زالت تعتمد بشدة على الدعم والمساعدة الأميركيين، في السيطرة على الأراضي والقيام بعمليات هجومية، ومع تقليص البنتاجون لقواته بأفغانستان من نحو 100 ألف جندي في البلاد عام 2011 إلى 13 ألفاً الآن، دأبت «طالبان» على توسيع سيطرتها ونفوذها.

ورحبت «طالبان» بتعهد ترامب بتقليص القوات الأميركية في أفغانستان، ويرى أحد مسؤولي الحركة أن «انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان حل لمشكلة أفغانستان، وهذا في صالح الشعبين الأميركي والأفغاني».

وتنفد القوات الأميركية، عمليات ضد الجماعات الإرهابية مثل «داعش» و«القاعدة»، إلى جانب دعم القوات الأفغانية في قتالها مع «طالبان»، وذكر الكولونيل «ليجيت»، أنه تم إخطار الحكومة الأفغانية فحسب بخفض القوات «فهذا شيء لم يجر بالتفاوض» مع الحكومة الأفغانية، وقد يؤدي تقليص القوات إلى تعقيد محادثات السلام مع «طالبان»، والوجود العسكري الأميركي في أفغانستان، والمساعدات الأميركية للبلاد، هما من أوراق الضغط الرئيسية التي يستخدمها المفاوضون الأميركيون.

ولم تستأنف محادثات السلام بين الولايات المتحدة و«طالبان»، لكن جدول سفر زلماي خليل زاد، المبعوث الأميركي الخاص لأفغانستان، يوحي بأن الجهود جارية لإنعاش المفاوضات. وأعلن مكتب المبعوث الخاص، أن خليل زاد سيسافر إلى بلجيكا وفرنسا وروسيا، من أجل «بحث أفضل الوسائل لدعم الجهود المتسارعة للتوصل إلى سلام في أفغانستان»، وفي وقت سابق هذا الشهر، اجتمع خليل زاد مع زعماء طالبان في باكستان، وتشير بيانات البنتاجون إلى مقتل نحو 2400 جندي أميركي في أفغانستان، منذ عام 2001، وإصابة أكثر من 20 ألفاً بجروح.

*صحفية أميركية متخصصة تغطي شؤون أفغانستان وباكستان
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»