يمكن وصف زيارة الرئيس الصيني «شي جين بينج» إلى الهند هذا الأسبوع لعقد قمة غير رسمية مع رئيس الوزراء ناريندرا مودي، بأنها محاولة مهمة لإدارة الروابط الثنائية بشكل أفضل في علاقة معقدة؟ لقد جاءت القمة في وقت كانت فيه الهند والصين متشابكتين في معادلات جيوسياسية. وقد أظهر الاستعداد الدقيق للقمة محاولة الهند إعادة تنظيم علاقاتها مع الصين.
وعلى الرغم من أن الدولتين تربطهما علاقات اقتصادية متنامية، فإن هناك نزاعاً حدودياً متفاقماً انفجر في عام 2017 حول «دوكلام»، وهي منطقة تطالب بها كل من بوتان والصين. وتدعم الهند مطالب بوتان لأن المنطقة قريبة استراتيجياً من «ممر سيليجوري» الهندي، وهو امتداد ضيق من الأرض يربط شمال شرق الهند بالبر الرئيس. وتم حل المواجهة الحدودية من خلال الدبلوماسية وأعقب ذلك اجتماع قمة غير رسمي بين رئيس الوزراء مودي والرئيس شي جين بينج في مدينة ووهان الصينية في أبريل 2018، حيث اتفق الجانبان على النظر في سبل تعزيز العلاقات بينهما.

بيد أن القمة كانت حريصة وحذرة في التطرق إلى وموقف الهند من مبادرة الحزام والطريق.
ومع ذلك، فقد كانت الأجواء أثناء القمة مواتية، حيث رحّب مودي بالرئيس الصيني في «ما مللا بورام»، وهي مدينة ساحلية تبعد حوالي 56 كم عن مدينة «تشينائي»، عاصمة «ولاية تاميل نادو». وأجرى الزعيمان مناقشات استمرت لأكثر من ست ساعات على مدار يومين في العديد من المجالات، بما في ذلك الاستثمار بين البلدين، وكيفية تعزيز حجم التجارة وسد العجز في التجاري الذي هو الآن لمصلحة الصين. ويذكر أن العجز التجاري الهندي مع الصين بلغ 62.9 مليار دولار لمصلحة الصين في عام 2017-2018 مع بقاء الصين الشريك التجاري الأكبر للهند، حيث بلغ حجم التجارة الثنائية 89.71 مليار دولار في السنة المالية 2017-2018.
ودعت القمة الصينية الهندية إلى إنشاء آليات جديدة للتجارة والاستثمار بين البلدين. وتهدف هذه الآليات إلى حل العجز التجاري الهندي مع الصين، وتلبية طلبها المتكرر للوصول إلى الأسواق في بكين. وتأتي هذه القمة أيضاً في الوقت الذي تظهر فيه محركات للنمو العالمي في جنوب آسيا. وقد خففت الهند من القيود المفروضة على التأشيرة بالنسبة للصينيين، وتيسير قواعد الدخول المتعددة للزائرين.
وعلى الرغم من الصور التي خرجت عن زيارة الرئيس شي إلى «تشيناي»، فالحقيقة هي أن مناطق التوتر بين الصين والهند قد لا تختفي أو تتم مناقشتها بعيداً. ورغم العديد من الحوارات، لم يتمكن البلدان من حل خلافاتهما القائمة بما فيها مشكلة العجز التجاري المتزايد وقضية الحدود. وعلى الرغم من تعاون البلدين بشأن العديد من القضايا العالمية، مثل التغير المناخي لتمثيل وجهات نظر العالم النامي، فإن هناك الكثير من مجالات الاختلاف التي تشمل روابط الصين الوثيقة مع باكستان والعلاقات المتنامية بين الهند والولايات المتحدة، بالإضافة إلى دور الولايات المتحدة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ. وحتى فيما يتعلق بالقضايا الاقتصادية، فإن كلا البلدين لديهما مناطق اختلاف.
وإحدى القضايا الرئيسة قيد المناقشة هي ما إذا كانت الهند ستدعو شركة التكنولوجيا الصينية «هواوي» لتصبح جزءاً من تجارب إطلاق الجيل الخامس من الشبكة الخلوية «جي 5» في الأشهر المقبلة. وهناك أيضاً تقارير تفيد بأن الصين هددت باتخاذ إجراءات ضد الشركات الهندية إذا لم تسمح الهند لشركة هواوي بالمشاركة في تجارب «جي 5».
لا شك أن مثل هذه التبادلات القيادية مهمة بين البلدين لتعزيز العلاقات الثنائية ولفهم وجهات نظر بعضهما البعض حول القضايا ذات الاهتمام الاستراتيجي. لكن القمتين اللتين عقدتا بالفعل بين زعيمي عملاقين آسيويين لم تجد حتى الآن مخرجاً للقضايا المعلقة.