مر أسبوعان الآن، منذ اندلاع الاحتجاجات الجماهيرية في جنوب العراق، مما أدى إلى اضطرابات أسفرت عن مقتل العشرات وما زالت متوهجة، وما بدأ كتعبيرات عفوية عن السخط، بسبب ارتفاع معدلات البطالة، والفساد الحكومي، والمشاركة الإيرانية في الشؤون العراقية، سرعان ما تحول إلى حركة قد تكون لها عواقب وخيمة بالنسبة لأسواق النفط العالمية. ويأتي هذا الخطر الجديد في الوقت الذي بدأت فيه المخاوف بشأن الإمداد بعد هجمات الشهر الماضي على منشأة نفط سعودية رئيسية في التراجع.
يعد جنوب العراق، هو الموطن لمعظم صناعة النفط العراقية، وقد وصلت الاحتجاجات إلى مدينة البصرة، حيث خرج الآلاف من الناس إلى الشوارع الأسبوع الماضي. والوضع هناك متقلب بشكل خاص، لأن المدينة هي المسؤولة عن غالبية صادرات النفط العراقية، وحتى الآن، ردت قوات الأمن العراقية على الاضطرابات بقوة مميتة، ومع ذلك، فإن الاحتجاجات، وبعض منها تحول إلى أعمال شغب عنيفة، لم تظهر أي بوادر على التواطؤ، وفي الواقع، نظراً لفحوى المظاهرات المناهضة لإيران، من الممكن أن يزداد الوضع سوءاً قبل أن يتحسن، حيث يستعد الملايين من الإيرانيين للقيام برحلة الحج الدينية السنوية إلى كربلاء، التي تقع في جنوب العراق.
تعد صناعة النفط العراقية هي شريان الحياة للحكومة، ومدخلاً مهماً في سلسلة التوريد العالمية، لذا فإن أي انقطاعات ناجمة عن الاضطرابات يمكن أن يكون لها تأثير مستمر على السوق الأوسع. وقد قام ميناء البصرة بتصدير 3.5 مليون برميل من النفط يومياً في شهر سبتمبر الماضي، وفقاً لحسابات موقع «تانكر تراكرز دوت كوم» (TankerTrackers.com)، ما يمثل 90% من إجمالي صادرات العراق النفطية. (تعتبر العراق ثاني أكبر منتج للنفط في منظمة الدول المصدرة للنفط، المعروفة باسم الأوبك)، وهذه الصادرات وحدها تولد ما يقرب من 213 مليون دولار كل يوم للعراق، وفقاً لتقديرات «تانكرز تراكرز»، والتي بدونها لن تكون الحكومة قادرة على العمل.
ويعتبر النفط الثقيل ذو قيمة خاصة في السوق الحالية، وهو مصدر مهم للنفط الخام بالنسبة للصين والهند وهولندا وكوريا الجنوبية وفنزويلا. وفي الولايات المتحدة، يساعد الخام الثقيل من العراق في تعويض خسارة الواردات من فنزويلا، والتي توقفت المصافي في الولايات المتحدة عن استيرادها بسبب العقوبات المفروضة على كاراكاس. والعراق أيضاً هو مصدّر مهم للمنتجات البترولية، والكثير منها يتم إنتاجه في مصافي التكرير في البصرة، ويعد دور العراق في سوق البترول المكرر أكثر أهمية الآن، مع ضعف قدرة المملكة العربية السعودية على إنتاج المنتجات البترولية، عقب هجمات الشهر الماضي. وفي الحقيقة، تقوم السعودية حالياً باستيراد المنتجات البترولية العراقية، لملء الفراغات التي خلفتها الهجمات على المنشآت النفطية.
في سوق النفط، الذي فقد للتو، حماية السعودية من الطاقة الفائضة، فإن تعطيل إنتاج النفط العراقي لأي فترة من الزمن من الممكن أن يضغط الأسعار. العراق ليس السعودية، وليست لديه حلول بديلة وقدرة احتياطية داخل نظامه، لتعويض الانقطاعات بسبب التخريب أو الاضطرابات. ويجب على التجار ومراقبي السوق متابعة العراق والوضع المتطور هناك عن كثب خلال الفترة القادمة.
ويمكن لهذه الاحتجاجات، التي اتخذت منعطفاً معادياً لإيران، أن تؤثر بسهولة وبسرعة على إمدادات البترول في العراق، وبالتالي فإنها ستشكل خطراً أكبر في المدى الطويل، على الإمدادات العالمية.

إيلين آر والد
زميلة غير مقيمة بـ«مركز الطاقة العالمي التابع للمجلس الأطلسي»
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»