دعا الرئيس الإيراني، حسن روحاني، في كلمته بالأمم المتحدة، الأربعاء الماضي، إلى إنشاء «تحالف الأمل»، ومبادرة «هرمز للسلام»، قائلاً: إن الهدف منهما هو «تعزيز السلام والاستقرار والتقدّم والرفاهية لجميع سكان منطقة مضيق هرمز، وتعزيز التفاهم المتبادل والسلمي، وإقامة علاقات ودية بينهم، في مجالات الطاقة والأمن وحريَّة الملاحة والنقل الحر للنفط وغيره من الموارد من وإلى مضيق هرمز وبعده». وكان روحاني، قد طرح ما أسماه «مبادرة هرمز للسلام»، خلال كلمته يوم 22 سبتمبر، خلال احتفال عسكري قائلاً: «في هذه الخطة، نبحث عن تعاون جماعي داخل منطقة الخليج، من أجل الأمن الإقليمي، ونريد من جميع دول المنطقة المشاركة التعاون في هذا الاتجاه.. وقال: إن الخطة «ليست للأمن فحسب، بل للقضايا الأخرى، وتسمى مبادرة هرمز للسلام».
وذكرت الحكومة الإيرانية، في بيان تفاصيل «خطة هرمز للسلام»، أن هذا المشروع يعتمد على الفقرة 8 من قرار مجلس الأمن الدولي رقم 598، كأساس قانوني، وهو القرار الخاص بوقف الحرب بين إيران والعراق، والذي تقول فقرته الثامنة: «يطلب من الأمين العام للأمم المتحدة النظر في سبل تعزيز الأمن والاستقرار الإقليميين، من خلال التشاور مع إيران والعراق ودول إقليمية أخرى».
وقد شكلت حرب الناقلات في منتصف الثمانينيات، إبان الحرب العراقية الإيرانية، البداية الفعلية للحديث عن أمن ممر هرمز الاستراتيجي، وارتباط دول العالم بالصادرات النفطية المارة عبره، ما يجعلها على أهبة الاستعداد للتدخل، إذا ما تعرض أمنها الاقتصادي للخطر.
وكانت المملكة العربية السعودية، قد أعلنت عن انضمامها للتحالف البحري، بقيادة الولايات المتحدة، لتأمين حرية الملاحة في الخليج وبحر عمان، بعد الهجمات على منشآت أرامكو النفطية، كما أعلنت دولة الإمارات العربية المتحدة، عن رغبتها في الانضمام للتحالف البحري الأميركي.
وتتمحور الفكرة الإيرانية، حول إنشاء نظام أمني إقليمي يضم كل دول المنطقة، بخاصة الدول الخليجية، تتولى فيه إيران الدور الرئيسي، مع استبعاد الوجود العسكري الدولي، وخاصة الأميركي، حيث حاولت طهران التسويق لهذه الفكرة. وخلال زيارة وزير الخارجية الإيراني للكويت، بتاريخ 19 أغسطس الماضي، دعا لتوقيع «اتفاق عدم اعتداء» بين إيران ودول الخليج، فردت الكويت بأن دول المنطقة لا تحتاج إلى مثل هذه المعاهدات، طالما أن هناك التزاماً من الجميع بميثاق وقواعد الأمم المتحدة.
إن استهداف ناقلات النفط في الخليج، وضرب منشآت النفط السعودية، كلها أعمال تقف وراءها إيران بشكل مباشر أو عبر وكلائها في المنطقة، وبالتالي لا يزال السلوك الإيراني يلقي ظلالاً من الشك حول إمكانية ترسيخ الطمأنينة حيال طهران، بعيداً عن طموحات الهيمنة الإيرانية.
تواجه منطقة الخليج، معضلات معقدة تصعِّب التوصل لرؤية مبسطة حول الأمن والاستقرار، إذ يرتبط مفهوم الأمن في الخليج بتحقيق أهداف محددة لدوله وللولايات المتحدة وبقية العالم، وهي ضمان تدفق إمدادات النفط دون عوائق، وتعزيز الأمن والاستقرار الإقليميين، والحد من انتشار أسلحة الدمار الشامل، وحماية حرية الملاحة والتجارة، وأخيراً الحيلولة دون بسط دولة إقليمية (إيران) هيمنتها على باقي المنطقة. ولطالما شكل الوجود العسكري الأميركي صمام أمان للخليج.
إن قبول مبادرة «هرمز للسلام» التي طرحتها إيران، يفترض توفر متطلبات أساسية، أولها وجود توافق إقليمي على تحديد التهديدات المشتركة في المنطقة، وثانيها القبول الخليجي لدور إيران في «حماية أمن الخليج» وليس كمصدر للتهديد، وثالثها قبول إيران بحقيقة أن برنامجها النووي وسياساتها التوسعية في المنطقة من شأنهما زعزعة الأمن الإقليمي.. وبدون ذلك فإن المحصلة النهائية للمبادرة هي الرفض من قبل الدول الخليجية.