ربما يرى المرء الطيور في أوقات كثيرة وبأعداد كبيرة لدرجة أنها قد تبدو موجودة في كل مكان. لكن ما هذا إلا حكم ذاتي. فحالياً ينشر باحثون دراسة واسعة النطاق تُظهر أن عدد الطيور في أميركا الشمالية يتعرض لتقلص هائل حتى في الأنواع التي كان الخبراء يعتقدون في السابق أنها تتكيف مع العمران البشري. وثلاثة مليارات عدد كبير وخيالي، لكن هذا هو عدد الطيور التي فُقدت من أميركا الشمالية منذ عام 1970. والعدد أكثر من ربع إجمالي الطيور في القارة. صحيح أن هناك بعض الأنواع تزايدت أعدادها، لكن الأنواع التي تخسر مواقعها في الحياة البرية أكبر. ومن أكثر جماعات الطيور تضرراً تلك التي تتغذى على الديدان، مثل السماميات والسنونوات وطيور المروج مثل قبرات المروج ودوري السافانا والطيور التي تهاجر لمسافات طويلة مثل الهوازج الزرق وسمنة الغياض.
والطيور جزء محوري من سلاسل الغذاء الطبيعية، وهذا الفقدان للطيور يمثل فقداناً للتكامل البيئي إلى جانب تغير المناخ، مما يوحي بأن الطبيعة كما نعرفها بدأت تضمحل. وهذه أزمة حقيقية، لكن مازال هناك وقت لتغيير هذا الاتجاه. فنحن نعرف المشكلات ونعلم الأفعال المطلوبة لتحقيق التغير المطلوب. لذا يجب سن تشريعات قوية بشأن الطيور المهاجرة والمياه النظيفة والأنواع المعرضة للانقراض واتخاذ إجراءات حيوية لتخفيف حدة تأثيرات المناخ والتكيف معها والحفاظ على بيئة الطيور. والواقع أن أكبر سبب لتراجع أعداد هذه الطيور هو فقدان وتدهور نوعية بيئتها الطبيعية. وأحوال الأراضي الأميركية العامة تتوقف على قرار جماعي، وعلينا كأمة أن نحسم أمرنا بين الاستخدام الاستغلالي والاستنزافي أو الاستخدام القائم على الترشيد والتجديد. فمن خلال إدارة أفضل للأراضي العامة، يمكننا فعل الكثير لمساعدة الطيور، وخاصة طيور المروج والغابات، مثل قبرات المروج الغربية والطهيوج الكبير والطيور التي توجد في الغابات التي تعتمد على الحرائق في الغرب مثل طيور نقار الخشب سوداء الظهر وبيضاء الرأس. والسياسات التي تفيد هذه الأنواع والطيور الأخرى تساعد في الحفاظ على الطبيعة ككل.
وتستطيع الأراضي الخاصة الاستفادة من الدعم العام أيضاً، فبرامج المحافظة المعروفة باسم «تمويل مشروع قانون الزراعة» تحقق فارقاً كبيراً في كيفية دعم إدارة الأراضي الخاصة- من خلال المبادرة الشعبية لـ«عمل الأراضي من أجل الحياة البرية» على سبيل المثال. وطيور مثل سمان البوبوايت والهوازج ذهبية الأجنحة يمكنها أن تقوم بدور «الكناريا في منجم فحم» أي أن تعمل لصحة وسلامة مواطن إقامتها. والبرامج التي تساعد هذه الطيور يمكنها أن تساعد أيضاً النباتات المحلية والحشرات وصور الحياة البرية الأخرى. و«منح الولايات للحياة البرية» يمكنها أن تقدم مساهمات كبيرة لصالح الطيور، إذا تم تمويلها بشكل كامل من خلال «قانون إحياء الحياة البرية لأميركا» على سبيل المثال. وعلينا ألا ننسى أن كثيراً من طيورنا التي تتقلص أعدادها من الطيور المهاجرة وتعتمد بيئة معيشتها على الحياة البرية في جنوب حدودنا.
وقد قدّم «قانون المحافظة على الطيور المهاجرة للمناطق الاستوائية» تمويلا لمئات المشروعات لتحسين بيئة المعيشة الشتوية للطيور المهاجرة، لكنه يحتاج إلى زيادة كبيرة في التمويل. وكثير من هذه المشروعات تساعد الناس أيضاً بدعم زراعة مستدامة والسيطرة على التصحر وخلق وظائف في صورة سياحة قائمة على الطبيعة والمحافظة على البيئة.
وحين نشرت ريتشل كارسون كتابها «الغدير الصامت»، عام 1962، كان الاهتمام الأساسي منصباً على المبيدات الحشرية وخاصة مادة «دي. دي. تي» التي تسمم الطيور. وفي السنوات التالية، حظرنا وقلصنا تدريجياً هذه المادة ومعظم المواد المسممة للطيور. لكننا أحللنا محلها مبيدات حشرية أكثر ضرراً، وهي مبيدات النيونيكوتينات المستخدمة لتحصين النباتات ضد الحشرات، والتي تساعد على التخلص من الحشرات الضارة والنافعة معاً. وإذا استخدمنا مليار رطل من مبيدات الحشرات سنوياً، كما نفعل في الأراضي الأميركية، فسينتهي بنا الحال إلى عدد متناقص من الحشرات، وبالتالي إلى عدد أقل من الطيور ومن مفترسات الطيور، وفي نهاية المطاف عدد أقل من الحيوانات إجمالا. لقد حان وقت حظر مبيدات النيونكوتينات إلا إذا كنا متأكدين من أن هذه السموم لا تدمر الطبيعية الأميركية بشكل دائم.
ولحسن الحظ، يستطيع كل شخص المساهمة في مسعى دعم الطيور وأشكال الحياة البرية الأخرى. فإبقاء القطط داخل المنزل والتخلص من المبيدات الحشرية الضارة من الأفنية، أحد الأمور التي تساعد على تعافي أعداد الطيور إذا شارك في هذا العمل عدد كاف منا. وزراعة النباتات التي تنمو أصلا في هذه المناطق سيساعد الحشرات النافعة وصور الحياة البرية الأخرى. ويتعين على الشركات القيام بدور محوري أيضاً بتوسيع زراعة الغابات المستدامة وإزالة دوارات الهواء بعيداً عن المناطق الحساسة للطيور، على سبيل المثال. صحيح أن الأنباء عن البيئة، مثل هذا البحث الجديد عن تراجع أعداد الطيور، تميل عادة لأن تكون سلبية، لكنها ببساطة بيانات تترك لنا حرية الاختيار. وعلينا الآن أن نختار. ولذا دعنا ننتهز هذه اللحظة، لنحافظ على سلامة كوكبا وطيورنا وكل شيء.

*رئيس الجمعية الأميركية للمحافظة على الطيور
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»