يبدو أن الانتخابات الإسرائيلية الصعبة –وأسابيع من النقاش الذي تغذيه بشأن تشكيل ائتلاف جديد يحكم إسرائيل – ستضع الرئيس الأميركي دونالد ترامب على شفا فقدان واحد من أقرب حلفائه في الخارج.
منذ توليه منصبه في يناير 2017، منح ترامب نتنياهو نوعاً من الهدايا السياسية التي لا يحلم بها معظم القادة، بدءا من قراره الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني إلى نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس. ولكن ليس من الواضح الآن ما إذا كان نتنياهو سيظل موجوداً لفترة طويلة ليرد هذه الخدمات.
وقد نتج عن إعادة الانتخابات الإسرائيلية مأزق دراماتيكي، حيث دفع حليفاً رئيسياً في الشرق الأوسط إلى مزيد من الاضطرابات السياسية فيما يستعد ترامب لإطلاق اقتراح السلام الخاص به ويتأهب لخوض معركة إعادة انتخابه التي يتفاخر فيها بأوراق اعتماده المؤيدة لإسرائيل.
وحسب «ديفيد ماكوفسكي»، مدير «مشروع السلام في الشرق الأوسط» بمعهد «واشنطن لسياسة الشرق الأدنى» فإن وجهة نظر ترامب هي: «لقد كنت جيداً مع هذا الرجل، وتربطنا علاقة ودية، وأمامي عام الانتخابات، لذا حريّ به أن يساعدني كما ساعدته».
وبينما تشير نتائج الانتخابات إلى أن نتنياهو متعثر، حيث فشل في تحقيق انتصار حاسم بعد حملة مضنية، إلا أنه من السابق لأوانه قول إن رئيس الأركان السابق «بيني جانتس» قد فاز هو الآخر. نتائج الانتخابات التي جرت في إسرائيل يوم الثلاثاء الماضي حصل فيها تحالف «أزرق أبيض» الوسطي بزعامة «بيني جانتس» على 33 مقعداً، مقابل 31 لحزب «ليكود» اليميني بزعامة رئيس الوزراء المنتهية ولايته بنيامين نتنياهو، من أصل 120 مقعدا، بحسب اللجنة الانتخابية.
وبذلك لم يحقق نتنياهو نصراً انتخابياً واضح خلال مرتين في غضون 6 أشهر، وسيكون من الصعب عليه البقاء في السلطة إلا بتقاسمها.
وأقر ترامب بعدم اليقين المحتمل للتصويت يوم الاثنين الماضين، وقال للمراسلين إنه «لا يمكنه إخبارهم بما سيحدث» في الانتخابات الإسرائيلية مع التأكيد على أن نتنياهو «لديه فرصة جيدة» لسحب الأغلبية الحاكمة.
في الأسابيع الأخيرة، كانت هناك بعض الإشارات على أن الإدارة ربما تتملص من رهاناتها. فلم يلتق نائب الرئيس «مايك بينس» مع نتنياهو في وقت سابق من هذا الشهر في لندن، على الرغم من أن كليهما أجرى مباحثات في مقر الحكومة في 10 داونينج ستريت، يفصلهما عن بعضهما البعض بضع دقائق. وبغض النظر، لم يكن ترامب دقيقا بشأن النتيجة التي يرغب رؤيتها من الانتخابات.
وقد أجلت الإدارة مرارا قيام صهر ترامب «جاريد كوشنر» بإطلاق خطة السلام في الشرق الأوسط التي طال انتظارها، لتوفر على نتنياهو الاشتباك بشأن مقترحات مثيرة للخلاف قبل الانتخابات. وكانت إدارة ترامب هادئة بشأن تعهد حملة نتنياهو بضم مستوطنات الضفة الغربية حال فوزه، وهو التعهد الذي انتقده الرؤساء الأميركيون السابقون.
وأقام نتنياهو وترامب، اللذان يتمتعان بدعم قطب كازينو لاس فيجاس «شيلدون أديلسون»، علاقة على مر السنين تستند على المنفعة السياسية المتبادلة، مستفيدين من علاقاتهما في تسجيل نقاط ضد منافسيهما في الداخل. وكان نتنياهو كثيرا ما يذكّر الناخبين خلال حملته بقدرته على الوصول إلى ترامب، بينما شجع الرئيس الأميركي نتنياهو على منع عضوين «ديمقراطيين» جديدين في مجلس النواب من دخول البلاد في محاولة لتصوير الحزب «الديمقراطي» على أنه معادٍ لإسرائيل.
خلال عطلة نهاية الأسبوع، قال ترامب إنه ونتنياهو أجريا مكالمة هاتفية لمناقشة معاهدة للدفاع المتبادل والتي من شأنها أن «ترّسخ التحالف الهائل بين بلدينا». وقال «عاموس يادلين»، المدير التنفيذي لمعهد دراسات الأمن القومي بجامعة تل أبيب، إن القضية «تستحق مناقشة عميقة، وليس نقاشا سريعا عشية الانتخابات».
ولكن بعد أن نقل ترامب السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، وأغلق مكتب التمثيل الفلسطيني في الولايات المتحدة، وانسحب من الاتفاق الإيراني، وقطع التمويل عن وكالة تابعة للأمم المتحدة لمساعدة اللاجئين الفلسطينيين، وقام مؤخرا بالاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان، التي تم الاستيلاء عليها من سوريا خلال حرب 1967، لم يعد هناك سوى القليل من الثمار المتبقية لتقديمها لنتنياهو.
وحسب «آرون ديفيد ميلر»، زميل بارز في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي «لم يعد هناك الكثير لنقدمه». وأضاف أنه رغم أن ترامب لديه تفضيل واضح لنتنياهو، فإن عدم قدرة رئيس الوزراء الحالي على تشكيل أغلبية حاكمة لن يكون «ضارا بشكل أساسي» بالموقف السياسي للرئيس الأميركي.
وقال «ماكوفسكي» إن حكومة وحدة تابعة ليمين الوسط ويقودها «جانتس» من الممكن أن تقدم لترامب بعض المزايا حيث إنها ستكون أكثر انفتاحا على السلام مع الفلسطينيين. وأوضح ميلر أن «جانتس» سيكون أيضا «حريصا للغاية على عدم انتقاد ترامب» وسيعمل على «إقامة علاقة عمل فعالة» معه.
وأكد ماكوفسكي أن «حكومة وحدة ستكون أفضل فرصة أمام ترامب لتنفيذ خطته للسلام. في هذه المرحلة، كانت الإدارة تصفها بأنها رؤية، وليست خطة، بينما تقلصت التوقعات بالفعل».
 
ديفيد وينر وجاستين سينك*
*محللان سياسيان أميركيان
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»