أكثر ما أعجبني في المناظرة الرئاسية «الديمقراطية» يوم الخميس الماضي كان ختامها، حيث توقف المرشحون عن وصف أفكار السياسة التي لن ترى النور أبداً وعن الجدل بشأن التفاصيل التكنوقراطية التي لا يفهمها معظم الناخبين بشكل كامل، بل كان السؤال لكل المرشحين هو «ما أكبر انتكاسة مهنية واجهتها؟ كيف تعافيت منها؟ وماذا تعلمت منها؟
وكان هذا أكثر الأسئلة إفصاحاً في الأمسية، واقترب من نوعيه الأسئلة التي تساعد الناخبين في تقرير الشخص الذي يختارونه. فالناخبون لا يختارون مرشحاً رئاسياً بناء على تفاصيل السياسة بل يختارون شخصاً يثقون فيه ويفهم مشكلاتهم ويتعاطف معهم. وهذا ما أشارت إليه «نانسي بيلوسي»، رئيسة مجلس النواب «الديمقراطية»، في مؤتمرها الصحفي الأسبوعي حين صرحت بأن السؤال للناخبين يتعلق بمدى ارتباط المرشح بالشعب الأميركي«لأن الانتخابات تتعلق دوماً بالمستقبل وما يعنيه هذا المستقبل للأسر العاملة في أميركا». بالإضافة إلى هذا، وبعد ما رأيناه من الرئيس الحالي، من المهم للغاية أن نستكشف إذا كان المرشحون مؤهلين فكرياً ووجدانياً لهذا المنصب.
لماذا لا نجري مناقشة عن الشخصية والقيم واللياقة؟ لأن هذا لا يتفق مع معايير الصراع، والمواجهة التي تشتاق إليها وسائل الإعلام، لكن يتعين علينا بالفعل أن نعرف المزيد عن المرشحين في هذه الأمور. فأنا أريد أن أعرف: ما مدى كفاءتهم في العمل مع شخص ما من حزب مختلف له رؤية مختلفة تماما عن رؤيتهم. أريد أن أعرف إذا كانوا غيروا وجهات نظرهم في قضية ما وسبب هذا. وأريد أن أعرف الطريقة التي يختارون بها المستشارين ويديرون الصراع ويتخذون قرارات صعبة ويواجهون خطأ خطيراً أو فشلاً من شخص يعمل معهم. وما مستوى التفاصيل التي يحتاجونها حين يتخذون قراراً حاسماً.
يجب الضغط عليهم فيما يتعلق ببعض من أكثر وعودهم الإجرائية تطرفاً التي ستحدد مدى إمكانية تحقيق مقترحاتهم السياسية. وكيف يضغط رئيس على مجلس النواب ليتخلص من عرقلة لتشريع؟ كيف يحتمل أن يقروا تعديلاً دستورياً والقيام بهذا سريعاً بما يكفي للاستفادة الضرورية من التصديق؟ إذا كانوا يريدون تغيير عدد القضاة في المحكمة العليا أو بقاء القضاة في مناصبهم مدى الحياة، كيف سيحدث هذا؟
المناظرات والحملات تدور فيما يبدو غالبا كما لو أنها بشأن عالم متخيل، تروج فيه السياسات لنفسها، والمرؤوسون لا يرتكبون أي أخطاء والفضائح لا تظهر أبدا وكل شخص لديه معلومات مثالية. والواقع مختلف تماما عن هذا.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»