يسطر شهداؤنا الأبرار بدمائهم الزكية، صفحات خالدة في تاريخنا الوطني، وهذه التضحية بالنفس وفداء الوطن والذود عن كرامة الوطن وأمنه واستقراره، باتت قيماً أصيلة ترسخت في عقول وقلوب أبناء دولة الإمارات العربية المتحدة، الذين قدموا منذ أيام قليلة ستة شهداء جدد لقوا وجه ربهم الكريم في أرض العمليات، نتيجة حادث تصادم آليات عسكرية خلال أدائهم واجبهم الوطني.
هذه التضحية بالنفس من أجل الوطن، هي محل إجلال وفخر وتقدير من قبل القيادة الرشيدة لدولة الإمارات العربية المتحدة وشعبها الأبي. وفي هذا الصدد قام صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، أول أمس الأحد، بتقديم واجب العزاء في شهيدي الوطن زايد مسلم سهيل العامري، وصالح حسن صالح بن عمرو، في أثناء زيارة سموه مجلسي العزاء في منطقتي الشوامخ وبني ياس في أبوظبي، وأعرب سموه عن خالص تعازيه وصادق مواساته لذوي الشهيدين وأسرتيهما، داعياً الله العلي القدير أن يتغمدهما بواسع رحمته ورضوانه، وينزلهما منازل الصديقين والأبرار، ويسكنهما فسيح جناته، ويلهم ذويهما جميل الصبر والسلوان، وقد قال سموه: «فخورون بما يقدمه أبناء الإمارات الأبرار من تضحيات وبذل في سبيل الوطن والحق والواجب.. شهداء الوطن الستة كوكبة جديدة تنضم إلى أشقائهم في موكب العز والكرامة.. سيبقى عطاؤهم وبطولاتهم مصدر إلهام للأجيال يستمدون منه قيم الوفاء والبذل والانتماء للوطن والذود عن كرامته وحياضه».
وعلى الرغم من حزننا الشديد على فراق الأحبة من شهدائنا الأبرار، فإننا نودعهم ببالغ الفخر والاعتزاز بتضحياتهم، وهم الذين ضربوا أروع الأمثلة في بذل الروح لأجل وطنهم الغالي، وأفنوا أعمارهم ملبين نداء القيادة الرشيدة ومعاهدين الله تعالى، على أن يقدموا الغالي والنفيس لأجل دولة الإمارات ومكتسباتها وقواتها المسلحة الباسلة، باعتبارهم من أبنائها الأبطال الحريصين على أن تبقى راية الوطن خفاقة في سماء المجد والمنجزات المتواصلة.
وفي الواقع، فإن هذا الاستعداد اللامتناهي للعطاء من قبل مواطني دولة الإمارات العربية المتحدة، الذي تجسده التضحية بالنفس من قبل شهدائنا الأبرار، لهو دليل دامغ على مدى حب وطننا الغالي من جانب أبنائه، ومثلما لا يبخل علينا الوطن، فإننا لا نبخل عليه حتى بأرواحنا التي نقدمها في سبيل رفعته وكرامته.
إن شهداء الوطن يعدون مثالاً ونموذجاً للجندي الإماراتي المؤدي لكل المهام والواجبات، وهم يجسدون أمثلة حية للتفاني والتضحية والشجاعة، أسوة بإخوانهم من أبطال قواتنا المسلحة الباسلة الذين يسطرون أروع الملاحم التاريخية خلال أداء الواجب الوطني، متحلين بالشرف العسكري وبقيم الالتزام والانضباط.
إننا سنستذكر شهداءنا البواسل برؤوس مرفوعة، وفخر نباهي به، لتظل دولة الإمارات العربية المتحدة، منارة إنسانية تشعّ منها القيم النبيلة، وستظل واحة الكرامة التي تم تشييدها تخليداً لذكرى شهداء الوطن الأبرار في ضمائرنا وقلوبنا رمزاً للعز والمجد والتضحية، تحفّها أرواح الشهداء، وتزهو ببطولاتهم وتضحياتهم العظيمة.
إن الوطن غالٍ، ونحن جميعاً فداء له، وإن الشهداء قدموا تضحية عظيمة تجعلنا جميعاً فخورين، وإن عزاءنا لأنفسنا بأن خصّهم الله، سبحانه وتعالى، بهذا الشرف العظيم، بأن يكونوا شهداء في خدمة الوطن وفي سبيل الواجب. وستبقى القوات المسلحة الدرع الحصينة لردع أي جهة تحاول المساس بأمن دولة الإمارات العربية المتحدة، وستواصل دورها في دعم الأشقاء والوقوف إلى جوارهم لمواجهة التحديات المحدقة بهم، وحماية المنطقة العربية وتحصينها من الأطماع والمخاطر التي تلمّ بها، والتصدي بكل قوة لكل ما من شأنه أن يقوض استقرارها أو يهدد أمنها.
*عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.