«متمردو» حزب «المحافظين» الـ 21 لا يقفون ضد فوضى قانونية واقتصادية فحسب، لكنهم أيضاً يدافعون عن القواعد الدستورية والسلوكية والقانونية التي يرون أنها تم الإخلال بها.

هناك 21 «محافظاً» بريطانياً يفضلون مصلحة البلاد على مصلحة الحزب، ومن بينهم مستشاران سابقان للخزانة، ومجموعة من وزراء الحكومة السابقة، والعديد من الأوفياء الذين نجدهم عادة في مؤتمرات حزب «المحافظين» ومراكز الأبحاث «المحافظة». ومن بين هؤلاء «نيكولاس سواميز»، حفيد ونستون تشرشل. وهناك أيضاً «كينيث كلارك» وهو العضو الذي أمضى أطول فترة في مجلس «العموم». وقد قيل لهؤلاء جميعاً إنهم إذا صوتوا ضد حكومة المحافظين مساء الثلاثاء الماضي – ما يمهد الطريق أمام البرلمان البريطاني لمنع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي «من دون اتفاق» – فسيتم طردهم من حزب «المحافظين».
ليس هذا فحسب، بل سيتم منعهم أيضاً من الترشح للبرلمان في الانتخابات القادمة. ومع ذلك، فقد فعل جميعهم، وعددهم 21، ذلك على أي حال. لماذا؟
أولًا، لقد فعلوا ذلك –بالطبع –لأنه من الحماقة بالنسبة لبريطانيا أن تقطع فجأة كل علاقاتها مع جميع جيرانها الأقرب والأهم: ليس فقط في التجارة، ولكن أيضاً الترتيبات الأمنية والاتفاقيات العلمية والمعاهدات القانونية والصفقات الدبلوماسية، وكل شيء. خلال حملة الاستفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، فيما يعرف بـ «بريكست»، لم يقل أحد على الإطلاق إن هذا النوع من الانفصال الكلي كان أحد الاحتمالات، ولم يصوت أحد لصالحه، وأقلية فقط من الجمهور يقولون إنهم يؤيدونه الآن. ويدرك متمردو حزب «المحافظين» الـ 21 أن العواقب الدبلوماسية والاقتصادية لانفصالٍ مثل هذا، دون وجود معاهدات انتقالية وترتيبات تفاوضية، ستستمر لعقود. ويعرف الجميع ذلك أيضاً، بما في ذلك رئيس الوزراء «بوريس جونسون». ولكن 21 عضواً فقط في الحزب كانوا على استعداد للعمل.
ثانياً، لقد فعلوا ذلك لأنه قبل أيام قليلة، أعلن جونسون تعليق البرلمان، والذي سيبدأ هذا الأسبوع. ورافق هذا الاستخدام السيئ غير المسبوق للسلطة سلسلة من الأكاذيب الواضحة، واللغة المتنمرة وتهديدات من نوعٍ لم تستخدمه الحكومات المحافظة، على مر التاريخ، تجاه أعضائها. إن متمردي حزب المحافظين الـ 21 لا يقفون ضد فوضى قانونية واقتصادية فحسب، لكنهم أيضاً يدافعون عن القواعد الدستورية والسلوكية والقانونية التي يرون أنها تم الإخلال بها. إنهم يدافعون عن مجموعة من التقاليد والأعراف البرلمانية التي يخشون أن يتم تدميرها إلى الأبد.

ثالثاً، لقد فعلوا ذلك لأنهم يعرفون – والجميع يعلم – أن أعضاء القيادة الحالية لحزب «المحافظين» قد اختاروا هذا المسار المدمر ليس من أجل البلاد، وليس من أجل رفاهية البريطانيين، وليس من أجل مستقبل أطفالهم، ولكن لأنهم يخشون من أنهم بعد ما وعدوا بتنفيذ بريكست وفشلوا في تحقيق ذلك، فإنهم سيخسرون الانتخابات المقبلة. إنهم يقدمون مصلحة الحزب على مصلحة البلاد. وعلى النقيض من ذلك، فإن ثوار حزب المحافظين الـ 21 قرروا تقديم مصلحة البلاد على مصلحة الحزب، بل مصلحة البلاد قبل مستقبل حياتهم المهنية، في تحدٍ لزعمائهم.
وبعبارة أخرى، فإن هؤلاء «المتمردين» الـ 21 وقفوا ضد زعيم وطني من حزبهم لمنعه من إيذاء البلاد، وتقويض الدستور وإلحاق الضرر بالديمقراطية. تخيل كيف ستختلف السياسة الأميركية إذا تمكنا من إيجاد 21 من أعضاء مجلس الشيوخ «الجمهوريين» للقيام بنفس الشيء.

*كاتبة ومؤرخة أميركية
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»