عندما نغلق الباب في وجه اللاجئين، فإننا نشجّع دولاً أخرى على فعل الشيء نفسه، ما يسهم في عالم أكثر خطورة، عالم سيُستدعى فيه جيشنا على نحو متزايد من أجل توفير الاستقرار.

روبرت جاي. ناتر* ومارك بي. هرتلينج*

تأسست الولايات المتحدة كملاذ آمن للمقموعين ومنارة للأمل والحرية عبر العالم. هذه المواضيع تعكس قيمنا، والترحيب باللاجئين إلى سواحلنا يمثّل إحدى التركات التي نعتز بها أشد الاعتزاز وجزءا أساسيا من هويتنا كأمة.
وكقائدين عسكريين، أمضينا زهاء أربعة عقود في الدفاع عن هذه القيم. ولكن اليوم هناك خطر ماحق يحدق بتركة أميركية أساسية، في وقت تبحث فيه إدارة ترامب إمكانية اعتماد خفض كبير وغير مسبوق (بل ربما تصفير) للبرنامج الأميركي لقبول اللاجئين الذي يحظى بدعم الحزبين، ويمثّل الوسيلة القانونية القائمة لدخول هؤلاء الأشخاص المستحقين للولايات المتحدة.
هذا الأسبوع، انضممنا إلى مجموعة تضم 27 جنرالا وأميرالا متقاعدا – وجميعهم كانوا قادة في نزاعات عسكرية وأبانوا عن شجاعة في الدفاع عن قيمنا على ساحة المعركة – للكتابة إلى الرئيس دونالد ترامب قصد التعبير له عن قلقنا البالغ بشأن مصير هذا البرنامج المهم.
ذلك أن الترحيب باللاجئين، بالنسبة للكثيرين منا، ليس مسألة سياسة ومرآة لقيمنا الوطنية فحسب، ولكنه مسألة شخصية أيضا. ذلك أن الكثيرين منا يعرفون هؤلاء اللاجئين لأنهم كانوا يعملون لنا ومعنا في معركتنا ضد الإرهابيين والمتمردين. والواقع أن التحسينات المهمة والملموسة التي استطعنا القيام بها في حيوات الملايين، إضافة إلى جهود حماية جنودنا وبحارتنا ومشاة بحريتنا، ما كانت ستكون ممكنة من دون جهود آلاف المترجمين واللوجستيين والمهندسين العراقيين والأفغان وآخرين.
الكثير من أولئك الأفراد استُهدفوا بسبب مساعدتهم إيانا. ذلك أنهم كثيرا ما تلقوا وعائلاتهم تهديدات بسبب عملهم مع قوات الائتلاف، ومع ذلك، واصلوا العمل بشجاعة في كل المستويات، من ترجمة الحوارات على مستوى فرقة المشاة إلى المساهمة في المهمات الدبلوماسية على مستوى فرق العمل. وقد تكون لأولئك الأشخاص ثقافات مختلفة عن لغتنا ويتحدثون لغات مختلفة عن لغتنا، ولكنهم كانوا يعرّضون حيواتهم للخطر إلى جانب مواطنينا ضمن فريقنا.
الكثير من شركائنا ما زالوا يعيشون في خوف، بالنظر للأوضاع التي ما زالت خطيرة في عدة أجزاء من العالم. ففي العراق وحده، ينتظر أكثر من 100 ألف شخص أذون دخول للولايات المتحدة. وقد وعدنا شركاءنا العراقيين بالدعم والسلامة عندما كنا نقاتل معا عدوا غاشما. واليوم إذا رفضنا دخول هؤلاء الأشخاص، أو خفضنا عدد المسموح لهم بالدخول، فإنه سيكون من الصعب للغاية أن نطلب من آخرين مساعدتنا في المستقبل.
إن توفير السلامة للأشخاص الذين يساعدون الجنود الأميركيين هو إحدى الوظائف الأساسية لبرنامج لاجئينا، ولكنه لا يتوقف عند هذا الحد. فنحن نعيش في لحظة نزوح عالمي غير مسبوق. إذ من أصل الـ26 مليون لاجئ تقريبا المنتشرين عبر العالم، فإن معظمهم تؤويه بلدان منخفضة ومتوسطة الدخل محاذية للمناطق غير المستقرة التي يفر منها الناس. ونسبة صغيرة من الأشخاص الأكثر هشاشة – أقل من 5 في المئة – يتم اختيارها من أجل إعادة التوطين. وإضافة إلى المساعدة الإنسانية، تمثّل إعادة توطين اللاجئين طريقةً ملموسة تقدّم بها الولايات المتحدة الدعم لهذه البلدان، مع العمل في الوقت نفسه على تقوية الاستقرار الإقليمي وتقليص خطر أن يرغم الناس على العودة إلى مناطق النزاعات.
إننا نعلم أكثر من غيرنا أن العواقب الإنسانية والاستراتيجية للنزاعات في العراق وسوريا والبلقان وشرق أفريقيا وغربها ستكون أسوأ بكثير لو أن البلدان المجاورة أغلقت حدودها. كما نعلم أن النزاعات يمكن أن تبدأ من جديد عندما يعاد اللاجئون إلى مناطقهم قبل الأوان. فمن أصل أكبر حالات عودة اللاجئين الـ 15 الأكبر منذ 1990، فإن ثلث هذه الحالات أدى إلى استئناف النزاع وقتل الأبرياء.
وعندما نغلق الباب في وجه اللاجئين، فإننا نشجّع دولا أخرى على فعل الشيء نفسه، ما يسهم في عالم أقل رحمة وأكثر خطورة، عالم سيُستدعى فيه جيشنا على نحو متزايد من أجل توفير الاستقرار.
وخلال الأربعين عاما الماضية، رحبت الولايات المتحدة بـ3 ملايين لاجئ من مختلف أنحاء العالم ساهموا في ازدهار هذا البلد وتقويته بكل الطرق. ويبلغ متوسط عدد اللاجئين الذين يتم قبولهم عبر كل من الإدارات الجمهورية والديمقراطية 95 ألفا سنويا. غير أنه في العامين الماضيين، انخفض عدد حالات القبول بنسبة 75 في المئة.
وخلال الأسبوعين المقبلين، سيقرر الرئيس الأميركي عدد اللاجئين الذين سنقبلهم في 2020. وهذا القرار سيحدد ما إن كنا نتشبث بتركة أميركا كملاذ للمقموعين والمضطهدين، كما أن ذلك سيبعث برسالة قوية إلى العالم بشأن من نحن. ولهذا، فإننا نوصي بشدة بإعادة هذا البرنامج الإنساني المنقذ للأرواح إلى مستويات تاريخية تحظى بدعم الحزبين.
روبرت جاي. ناتر* ومارك بي. هرتلينج*
*أميرال أميركي متقاعد
**جنرال أميركي متقاعد
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»