بات اندفاع إدارة ترامب للسماح لشركات النفط بالتنقيب في محمية الحياة البرية الوطنية في القطب الشمالي، وهي واحدة من آخر المناطق البكر في العالم، يمثل فشلاً تاماً.
فقد تنمرت جماعات الضغط التي تعمل في مجال الوقود الأحفوري، والتي تدير وزارة الداخلية في إدارة ترامب، بالعلماء في الحكومة، وتجاهلت معارضة الجمهور، وطرقت كافة السبل الممكنة لإجراء مزاد –هذا العام – من شأنه أن يهدد أكبر تجمع لدببة القطب الشمالي في الولايات المتحدة، ومكاناً من الجمال الطبيعي لا مثيل له.
تولى «جو بالاش» رجل ترامب المكلف ببيع الملاذ لشركات النفط،، لتوه مركزاً مرموقاً في شركة نفط أجنبية، والتي قيل إنها «تنظر» في المشاركة في المزاد الذي نظمه بالاش نفسه عندما كان في وزارة الداخلية.
من المؤكد أن التحقيقات وطعون المحكمة ستأتي قريباً. وبغض النظر، يجب وقف الكارثة المناخية التي سترتكبها إدارة ترامب في ألاسكا.
ومن السهل أن نغفل عما هو على المحك في حملة الإدارة الأميركية للحفر بملاذ الحياة البرية الوطني في القطب الشمالي.
يشير سكان «جويتشين» إلى السهل الساحلي للملاذ، الذي يمتد من حافة سلسلة جبال بروكس شمال المحيط المتجمد الشمالي باعتباره «المكان المقدس حيث تبدأ الحياة». يهاجر قطيع حيوان النيص البري –ما يقرب من 200,000 مهاجر إلى السهل الساحلي كل صيف من أجل التكاثر. ومع ذوبان الجليد البحري في القطب الشمالي سريعا، أصبحت الدببة القطبية في الولايات المتحدة أكثر اعتماداً على هذا الملجأ من أجل البقاء.
والحقيقة المذهلة لجهود إدارة ترامب للحفر في المنطقة في هذا المكان الاستثنائي –والكائنات الحية التي تعتمد عليه –هي أنه سيتم التضحية به من أجل النفط الذي لا تحتاج إليه الولايات المتحدة وأنه، في أزمة المناخ الحالية لدينا، لا يحتمل كوكبنا الاحتراق.
وحتى أكثر المؤيدين تفاؤلاً لحفر الملاذ يعترفون بأنه من غير المتوقع وصول كمية كبيرة من النفط إلى الأسواق حتى عام 2030 على الأقل. وبحلول ذلك الوقت، ستحتاج الولايات المتحدة إلى أن تكون في طريقها لتحويل نظام النقل الخاص بنا من نظام يعتمد على النفط، إلى نظام يعمل بالكهرباء النظيفة والمتجددة.
وبالنظر إلى هذا الواقع، يعد بيع حقوق التنقيب عن النفط حماقة من الناحية الاقتصادية وكارثة من الناحية البيئية. فهو سيحاول عزل الولايات المتحدة –والعالم – في ملف تلوث الكربون في المستقبل والذي من شأنه أن يدمر كوكبنا. ووفقاً لأحد التقديرات، فإن حفر الملاذ سيساهم في وجود كمية سنوية من التلوث بغازات الكربون مكافئة للتلوث الناجم عن إضافة 13 مليون سيارة إلى الطريق.
وستزداد آثار هذا التلوث سوءاً بسبب الإجراءات الأخرى المناهضة للمناخ التي يقوم بها ترامب في ألاسكا، بما في ذلك محاولة السماح بقطع الأشجار في غابة «تونجاس»، وهي أكبر وأقدم غابة معتدلة في العالم. ومن شأن خطة ترامب الخاصة بغابة تونجاس الوطنية أن تضعف واحدة من أقوى مصادر امتصاص الكربون وأكثرها فاعلية في أميركا، وأن تعرض صناعة السلمون التجارية التي تبلغ تكلفتها مليار دولار للخطر.
إن تفجير قنبلة كربونية عن طريق الحفر في هذا الملاذ وفي الوقت نفسه قطع الغابة القديمة أن يؤدي إلى تفاقم الضغوط على بيئة ألاسكا التي ترتفع حرارتها بالفعل بضعف المعدل الذي ترتفع به الحرارة في بقية العالم.
وفي الأيام المقبلة، سيتخذ مجلس النواب خطوة نحو استعادة إجراءات الحماية للسهل الشمالي للملاذ. ومن شأن قانون حماية السهل الثقافي والساحلي لمنطقة القطب الشمالي، الذي قدمه النائب «جاريد هوفمان» (ديمقراطي –كاليفورنيا)، وستطرحه رئيس مجلس النواب ناسي بيلوسي للتصويت يوم الخميس المقبل، أن يمنع حماقة النفط التي سترتكبها الإدارة ويعيد الحماية طويلة الأجل للملاذ.
وفي حالة قيام زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ «ميتش ماكونيل» (جمهوري –كنتاكي) بإيقاف مشروع القانون المقدم من مجلس النواب، فسيقع على عاتق إدارة رئاسية جديدة وكونجرس جديد إنقاذ الملاذ وحماية غابة تونجاس لتجنب كارثة المناخ.
ومما يحسب لهم أن العديد من المرشحين «الديمقراطيين» للرئاسة أوضحوا بالفعل أنهم سيحاربون من أجل حماية الملاذ وتجنب الضرر الذي يحدثه ترامب في ألاسكا، وفي جميع الأراضي العامة في بلادنا. هذا موقف صحيح وشعبي، حيث تظهر استطلاعات الرأي باستمرار أن معظم الأميركيين يعارضون حفر الملاذ، ويرغبون في حماية أراضينا ومياهنا.
وسيشير التاريخ إلى أن ترامب لم يتلاعب فقط، بينما كان الكوكب يحترق، بل أيضاً حاول الإلقاء بملاذ الحياة البرية الوطني في القطب الشمالي وغابات ألاسكا قديمة النمو في النيران. يجب ألا ندعه يفعل ذلك.
*رئيس حملة هيلاري كلينتون الرئاسية لعام 2016، وسبق أن شغل منصب مستشار الرئيس باراك أوباما.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»