لا يمكن توصيف تهديدات الحوثي المستمرة بالإضرار بأمن المنطقة، نيابةً عن إيران وتنفيذاً لرغباتها، إلا بأنها تهديدات جماعة أدمنت القيام بدورها الإجرامي كبندقية للإيجار، تهدد الآخرين باسم من يحركها ويمولها ويستخدمها لتحسين ظروف تفاوضه مع الغرب. فإيران تستخدم كل الخيوط التي بيدها في محاولة للخروج بمكاسب من أي تفاوض محتمل مع الولايات المتحدة الأميركية. ولتحقيق هذا الهدف تلجأ إلى توجيه حلفائها في المنطقة بتصعيد لهجتهم العدائية ضد الدول المستقرة والمزدهرة اقتصادياً.
ومن ناحية أخرى، يتماهى الحوثيون مع أمثالهم من جماعات الإرهاب والعنف. فمن يتطاولون على دور الإمارات هذه الأيام في اليمن، يجمع بينهم التطرف والإرهاب والمتاجرة بالحرب. والحوثي يتفاعل إعلامياً مع المتطاولين، في تحالف خفي لتكرار تخرصات «الإخوان» ضد الإمارات، وهذا دليل على صواب توجهات ومواقف الإمارات ودورها في الملف اليمني.
إن الحوثي سوف يكون الخاسر الأكبر من أية تمهيدات تؤدي إلى انتهاء الحرب أو إلى حل الملف اليمني بالحوار. لذلك يصرخ بالتوازي مع صراخ «الإخوان» و«القاعدة» والمجموعات التي أصبحت الفوضى في اليمن تمثل لها بيئة خصبة للمتاجرة بالأرواح والمعونات الغذائية وتنمية «اقتصاد الحرب». هؤلاء، وفي مقدمتهم الحوثي، يعملون في اليمن (المتطلع للسلام) كبندقية للإيجار. ومنهم مَن يعملون بأجندة قطرية، ومنهم من ينطلقون من إسطنبول.. والحوثي تحديداً تستأجره إيران، وتملي عليه تصريحاته، وتحدد له أين يطلق مقذوفاته.
وعندما تعمل جماعة متطرفة على تنفيذ رغبات وأمنيات مَن يدعمها ويمدها بالسلاح ويحركها عن بعد، فإنها لا تفكر إلا في إرضاء ذلك الممول وتنفيذ رغباته، وهذا ما يقوم به المدعو عبدالملك الحوثي، الذي عملت إيران على تلقينه كيف يصرح ويطلق تهديداته ضد أمن الخليج والجزيرة العربية، حيث انتقل بقرار من الممول من مهنة سائق لدى شقيقه الأكبر (قتل قبل سنوات)، إلى زعيم جماعة انقلابية متطرفة، تطلق التهديدات وتستخدم الأسلحة لتهديد أمن جيران اليمن، كما يسعى الحوثي، بتوجيهات إيرانية، إلى إطالة أمد الفوضى والإبقاء على حالة عدم الاستقرار لأطول فترة ممكنة، ويخطط الآن لاستغلال اختراق المتطرفين لصف الشرعية، سعياً لإعادة السيطرة على المناطق التي تم تحريرها بجهود جبارة من قوات التحالف، وفي مقدمتها جهود الإمارات.
ونتيجة لدور الإمارات الإيجابي في اليمن، وما قدمته من تضحيات، يتكالب ضدها مَن يدعون أنهم ليسوا على وفاق، لكن التنسيق بين «الإصلاح» الإخواني والحوثي الإيراني للتطاول على الإمارات أصبح واضحاً للجميع.
وبالتزامن مع حملات إعلامية تقوم بها مجموعات تابعة لحزب «الإصلاح» الإخواني بتمويل قطري، أظهر الحوثي دعماً مباشراً لـ«الإخوان» وحملتهم الإعلامية ضد الإمارات، وهو تنسيق لم يحدث إلا بتوجيهات صدرت للحوثي من أسياده، لأنه لا يتحرك ولا يصرّح بشيء ما لم يخدم الأجندة الإيرانية لنشر الفوضى والخراب.
أحدث ما تناقلته وسائل الإعلام تصريحات للحوثي استهدفت الإمارات، بالتزامن مع حملة إساءات يقوم بها فرع «الإخوان» في اليمن، عززها الحوثي بخطاب مثير للسخرية، لتضمّنه ما وصفها بالنصيحة للإمارات! والحقيقة أن الحوثي يحاول إنقاذ جماعته من خطر الانقراض في ظل السلام القادم لا محالة لليمن، بينما جماعة الحوثي لا تحيا إلا في ظل الحرب والفوضى، ومن دون ظروف كهذه تخدم فيها أهداف إيران ستجد نفسها في خطر. لذلك لا تنتظر الإمارات نصيحة من الحوثي، وهو عندما يطلب منها ترك واجبها في اليمن، فإنما يريد استعادة السيطرة على المحافظات المحررة، وهذا أمر لن يسمح به التحالف العربي.
في الخطاب ذاته الذي تظاهر فيه الحوثي بتقديم النصيحة، تبجح باستهداف جماعته حقل الشيبة النفطي، رغم أن العالم بأكمله يعرف أن عمليات الحوثيين الإرهابية تحمل بصمات من يحركونهم عن بعد.
وختاماً، فإن دور الإمارات في اليمن لا يخضع للمساومات ولا للتهديد من جماعة مارقة، كما أن الضرر الذي لحق باليمن نتيجة لانقلاب الحوثيين وتهديدهم لأمن واستقرار المنطقة، وكل ذلك لصالح إيران، يجعل من الوقوف ضدهم أمراً مشروعاً، بل واجباً قومياً وإقليمياً.
*كاتب إماراتي